الحرف لعدم استبداده بنفسه، وأعرفُ من المنفصل على ما ذكرنا، والمنفصلُ جارٍ مجرى
الأسماء الظاَهرةِ في استبداده بنفسه، وعدمِ افتقاره إلى ما يتّصل به، فاعرفه.
[فصل [تصريف الضمائر]]
قال صاحب الكتاب: ولكل من المتكلم والمخاطب والغائب مذكره ومؤنثه ومفرده مثناه ومجموعه ضمير متصل ومنفصل في أحوال الإعراب، ما خلا حال الجر فإنه لا منفصل لها. تقول في مرفوع المتصل "ضربت ضربنا وضربت", إلى "ضربتن"، وزيد ضرب إلى ضربن. وفي منصوبه "ضربني ضربنا وضربك" إلى "ضربكن" وضربه إلى "ضربهن". وفي مجروره:"غلامي وغلامنا وغلامك" إلى "غلامكن و"غلامه" إلى "غلامهن", وتقول في مرفوع المنفصل: "أنا, نحن, وأنت", إلى "أنتن", و"هو" إلى "هن", وفي منصوبه: "إياي, إيانا, وإياك", إلى "إياكن", و"إياه" إلى "إياهن".
فإنّ قيل: كيف اختلفتْ صِيَغُ المضمرات، والأسماءُ لا تختلف صيغُها؟ قيل: لمّا كانت الأسماءُ المضمرةُ واقعة موقعَ الأسماء الظاهرة المعربةِ، وليس فيها إعرابٌ يدل على المعاني المختلفة فيها، جعلوا تغيُّرَ صيغها عوضًا من الإعراب، إذ كانت مبنيّة. ولكل واحد من المضمرات ضميران: متّصلٌ، ومنفصلٌ، ما خلا حالَ الجرّ، فإنّه لا منفصلَ له، فلا يكون إلَّا متّصلًا. فتقول في ضمير المرفوع المتّصلِ: "ضربت"، إذا كان المتكلّمُ وحدَه بتاء مضمومة يستوي فيه المذكَّرُ والمؤنَّثُ؛ لأنّ الفصل بين المذكر والمؤنّث إنّما يُحتاج إليه لئلاّ يُتوهّم غيرُ المقصود في موضع المقصود. والمتكلّمُ لا يُشارِكه غيرُه في لفظه، وعبارته عن نفسه وغيرِه، إذ لا يجوز أنَ يكون كلامُ واحد من متكلّمين.
فإنّ قيل: ولِمَ كانت هذه التاءُ متحرِّكةً؟ وهلاّ كانت ساكنةً، ولِمَ خُصّتْ حيث حُرّكتْ بهذه الحركة التي هي الضمُّ دون غيره؟ فالجوابُ: أمّا تحريكُها؛ فلأنّ التاء هنا اسمٌ قد بلغ الغايةَ في القلّة، فلم يكن بدٌّ من تقوِيَته بالبناء على حركةٍ، لتكون الحركةُ فيه كحرف ثانٍ. والذي يدلّ أنّ التاء اسمٌ ههنا أنّك تُؤكِّدها كما تُؤكِّد الأسماء، فتقول: "فعلتُ أنا نفسي". ولو كانت حرفًا كالتاء في "فَعَلَتْ" إذا أريد المؤنّث، لم يجز تأكيدُها كما لم يجز تأكيدُ تاء التأنيث في نحو"قائمةٍ"، و"قاعدةٍ".
وإنّما خُصّ بالضمّ دون غيرهِ لأمرَيْن: أحدهما: أنّ المتكلّم أوّلٌ قبل غيره، فأُعطي أوّل الحركات، وهي الضمّةُ. والأمرُ الآخر: انّهم أرادوا الفرقَ بين ضميرَي المتكلّم