للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلُ، فهي كـ "الذَّبِيحَة"، و"الضَّحِيَّة"، في أنّها مُعَدَّةٌ لذلك. وقال أبو الحسن: إنّما قالوا: "حمولةٌ" حيث أرادوا التكثير، كما قالوا: "نَسّابةٌ"، وَ"راوِيةٌ"، ودخلها معنى الجمع على إرادة الجماعة، فاعرفه.

[فصل [مذهب البصريين والكوفيين في نحو "حائض"]]

قال صاحب الكتاب: وللبصريين (١) في نحو: "حائض" و"طامث" وطالق مذهبان, فعند الخليل (٢) أنه على معنى النسب كـ "لابن" و"تامر"، كأنه قيل: "ذات حيض وذات طمث"، وعند سيبويه (٣) أنه متأول بإنسان أو شيء حائض كقولهم: "غلام ربعة ويفعة" على تأويل نفس وسلعة؛ وإنما يكون ذلك في الصفة الثابتة، فأما الحادثة فلا بد لها من علامة التأنيث، تقول: "حائضةٌ وطالقة الآن أو غدًا" ومذهب الكوفيين (٤) يبطله جري "الضامر" على الناقة والجمل، والعاشق على المرأة والرجل.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّهم قالوا: "امرأة طالِقٌ، وحائِضٌ وطامِثٌ وقاعِدٌ" للآيسَة من الحَيْض، و"عاصفٌ"، في وصف الرِيح من قوله تعالى: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} (٥)، فلم يأتوا فيه بالتاء وإن كان وصفًا للمؤنّث؛ وذلك لأنّه لم يجر على الفعل. وإنّما يلزم الفرقُ ما كان جاريًا على الفعل؛ لأنّ الفعل لا بدّ من تأنيثه إذا كان فيه ضميرُ مؤنّث حقيقيًّا كان أو غيرَ حقيقيّ، نحوَ: "هندٌ ذهبتْ"، و"مَوْعِظةٌ جاءتْ".

فإذا جرى الاسم على الفعل، لزمه الفرقُ بين المذكّرِ والمؤنّث، كما كان كذلك في الفعل. وإذا لم يكن جاريًا على الفعل، كان بمنزلة المنسوب، فـ "حائضٌ" بمعنى: حائِضِىّ، أي: ذات حَيْضٍ، على حدّ قولهم: "رجلٌ دارعٌ"، أي: دِرْعِيٌّ بمعنى "صاحبِ دِرْع". ألا ترى أنّك لا تقول: "دَرعَ"، فتُجْريَه على "فَعِلَ". إنّما قولُك: "دارعٌ": أي: ذو دُرُوعٍ، و"طالقٌ"، أي: ذات طَلاقٍ، أي: أنّ الطلاق ثابتٌ فيها. ومثله قولهم: "مُرْضِعٌ"، أي: ذات رِضَاعٍ. ومنه قوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (٦)، أي: ذات انفطارٍ.


(١) انظر المسألة الحادية عشرة بعد المئة في كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين. ص ٧٥٨ - ٧٨٢.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٣٨١ - ٣٨٢.
(٣) انظر: الكتاب ٣/ ٢٣٧.
(٤) ذهب الكوفيّون إلى أنّ علامة التأنيث إنّما حُذفت من هذه الصفات لاختصاص المؤنث به.
(٥) يونس: ٢٢.
(٦) المزمل: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>