للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجزم أظهر، ومنه قول الأخطل [من البسيط]:

كُرّوا إلى حَرَّتيكم تَعمرونَهما ... كما تَكرُّ إلى أوْطانها البَقَرُ (١)

الشاهد فيه رفع "تعمرونهما" إمّا على الاستئناف، وقَطْعه عمّا قبله، وإمّا على الحال، كأنه قال: "عامرين"، أي: مقدرين ذلك وصائرين إليه. ولو أمكنه الجزمُ على الجواب، لجاز. الحرّة: أرضٌ ذاتُ حجارة سود، وكأنّه يعيّرهم بنزولهم في الحرّة لحَصانتها، وهي حرّة بني سُلَيْم، وثَنّاها لحرّةٍ أُخرى تُجاوِرها.

وأما قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} (٢)، فيجوز أن يكون رفعُ "لا تخاف"، و"لا تخشى" على الحال من الفاعل في "اضربْ لهم طريقًا في البحر غيرَ خائف دركًا ولا خاشِيًا". ويُقوي رفعَ "لا تخاف" إجماعُ القُرّاء على رفعِ "ولا تخشى"، وهو معطوف على الأوّل، ويجوز أن يكون رفعه على القطع والاستئناف، أي: أنت لا تخاف دركًا. ويجوز أن يكون صفة لـ"طريق"، والتقدير: لا تخاف فيه دركًا، ثمّ حذف حرف الجرّ، فوصل الفعل، فنصب الضمير الذي كان مجرورًا، ثم حذف المفعول اتّساعًا، كقوله تعالى: {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ} (٣)، والتقدير: لا يجزي فيه. ومن جزم "لا تخاف"، جعله جوابًا لقوله: "واضربْ لهم"، على تقديرِ: إن تضرب لا تَخَفْ دركًا ممن خَلْفَك، ويرفع "تخشى" على القطع، أي: وأنت غير خاشٍ، فاعرفه.

[فصل [إعراب المضارع الداخل بين الشرط والجزاء]]

قال صاحب الكتاب: وتقول: "إن تأتني تسألني أعطك", و"إن تأتني تمشي أمش معك"، ترفع المتوسط, ومنه قول الحطيئة [من الطويل]:

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد (٤)

وقال عبيد الله بن الحر [من الطويل]:

٩٩٢ - متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطباً جزلاً وناراً تأجَّجا

فجزمه على البدل.

* * *


(١) تقدم منذ قليل.
(٢) طه: ٧٧.
(٣) لقمان: ٣٣.
(٤) تقدم بالرقم ٢٨٧.
٩٩٢ - التخريج: البيت لعبيد الله بن الحر في خزانة الأدب ٩/ ٩٠ - ٩٩؛ والدرر ٦/ ٦٩؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٦٦؛ وسرّ صناعة الإعراب ص ٦٧٨؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٣٢، ٣٣٥؛ وشرح الاشموني ص ٤٤٠؛ والكتاب ٣/ ٨٦؛ ولسان العرب ٥/ ٢٤٢ (نور)؛ والمقتضب ٢/ ٦٣؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٢٨.=

<<  <  ج: ص:  >  >>