قال صاحب الكتاب: وهو ما يعتقب في صدره الهمزة والنون والتاء والياء, وذلك قولك للمخاطب أو الغائبة:"تَفْعَلُ"، وللغائب:"يَفْعلُ", وللمتكلم:"أفْعَلُ", وله إذا كان مع غيره واحداً أو جماعة:"نَفْعَل", وتسمى الزوائد الأربع. ويشترك فيه الحاضر والمستقبل. واللام في قولك:"إن زيداً ليفعل" مخلصة للحال كالسين أو سوف للاستقبال, وبدخولهما عليه قد ضارع الاسم, فأُعرب بالرفع والنصب, والجزم مكان الجر.
* * *
قال الشارح: هذا القبيل من الأفعال يسمِّيه النحويون المضارع، ومعنى المضارع: المُشابِه، يُقال:"ضارعته، وشابهته، وشاكلته، وحاكيته" إذا صرتَ مثله. وأصلُ المضارعة تقابلُ السَّخْلَيْن على ضَرْع الشاة عند الرضاع، يُقال:"تَضارع السخلان"، إذا أخذ كلّ واحد بحَلَمَة من الضرع، ثمّ اتُّسع، فقيل لكلّ مشتبهَيْن: متضارعان، فاشتقاقُه إذا من "الضرع" لا من "الرضع". والمراد أنه ضارَعَ الأسماءَ، أي: شابهها بما في أوّله من الزوائد الأربع، وهي الهمزة والنون والتاء والياء، نحوُ:"أقوم" و"نقوم"، و"تقوم"، و"يقوم"، فأُعرب لذلك، وليست الزوائد هي التي أوْجبت له الإعرابَ، وإنّما لَمّا دخلت عليه، جعلتْه على صيغة صار بها مشابهًا للاسم، والمشابهةُ أوجبت له الإعراب.
فإن قيل: فمن أين أشبه الاسم؟ فالجواب من جهات: أحدها: أنّا إذا قلنا: "زيدٌ يقوم"، فهو يصلح لزمانَيِ الحال والاستقبال، وهو مبهمٌ فيهما، كما أنك إذا قلت:"رأيت رجلًا"، فهو لواحد من هذا الجنس مبهم فيهم، ثمّ يدخل على الفعل ما يُخلِّصه لواحد بعينه، ويقصره عليه، نحوُ قولك:"زيدٌ سَيقوم، وسوف يقوم"، فيصير مستقبلًا لا غير بدخول السين وسوف، كما أنك إذا قلت:"رأيت الرجل"، فأدخلتَ على الواحد