للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبتدأ والخبر]

[فصل [تعريفهما]]

قال صاحب الكتاب: " هما الإسمان المجردان للإسناد نحو قولك زيد منطلق. والمراد بالتجريد إخلاؤهما من العوامل التي هي "كان و"إن", و"حسبت" وأخواتها، لأنهما إذا لم يخلوا منها تلعّبت بهما وغصبتهما القرار على الرفع. وإنما اشترط في التجريد أن يكون من أجل الإسناد لأنهما لو جُرّدا, لا للإسناد, لكانا في حكم الأصوات التي حقها أن ينعق بها غير معربةٍ, لأن الإعراب لا يستحق إلا بعد العقد والتركيب. وكونهما مجردين للإسناد هو رافعهما لأنه معنى قد تناولهما معًا تناولاً واحدًا من حيث إن الإسناد لا يتأتى بدون طرفين: مسند ومسند إليه. ونظير ذلك أن معنى التشبيه في كأن" لما اقتضى مشبّهًا ومشبهًا به, كانت عامله في الجُزأين؛ وشبههما بالفاعل أن المبتدأ مثله في أنه مسند إليه, والخبر في أنه جزء ثان من الجملة".

* * *

قال الشارح: هذا الفصل واضحٌ من كلام صاحب الكتاب. غيرَ أنَّا نذكُر نُكَتًا تختصّ بهذا الفصل، لا بدّ منها.

اعلم أن المبتدأ: كلُّ اسم ابتدأتَه، وجرّدتَه من العوامل اللفظيّةِ، للإخبار عنه. والعوامل اللفظيّةِ هي أفعالٌ وحروفٌ، تختصّ بالمبتدأ والخبرِ. فأمّا الأفعال فنحوُ: "كَانَ" وأخواتِها، والحروفُ نحوُ: "أنَّ" وأخواتِها، و"مَا" الحِجازيّةِ.

وإنّما اشترط أن يكون مجرَّدًا من العوامل اللفظيةِ لأنّ المبتدأ شرطُه أن يكون مرفوعًا، وإذا لم يتجرّد من العوامل، تلعّبتْ به، فرفعتْه تارةً، ونصبنْه أُخرى، نحوَ: "كان زيدٌ قائمًا"، و"إنّ زيدًا قائمٌ"، و"ما زيدٌ قائمًا"، و"ظننت زيدًا قائمًا". وإذا كان كذلك، خرج عن حكمِ المبتدأ والخبرِ إلى شَبَهِ الفعل والفاعلِ، وهذا معنى قوله: غصبتْهما القَرارَ على الرفع.

وقوله: "المجرَّدان للإسناد"، يريد بذلك أنّك إذا قلت: "زيدٌ"، فتُجرِّده من العوامل اللفظيّةِ، ولم تُخْبِر عنه بشيء، كان بمنزلةِ صَوْت تُصوِّته لا يستحقّ الإعرابَ, لأنّ الإعراب إنّما أُتي به للفرق بين المعاني. وإذا أخبرت عن الاسم بمعنى من المعاني

<<  <  ج: ص:  >  >>