للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثبتَ التاء لأنّها بمعنى محلوبة، ومثل ذلك "فَعِيلٌ" إذا كان بمعنى مفعولٍ، نحو: "كَفٌّ خَضِيب"، و"لِحْيَة دَهِين"، المراد: مخضوبةٌ ومدهونةٌ، حُذفت منه التاء للفرق بينه وبين ما كان بمعنى "فاعِلٍ"، نحو: "عَلِيم"، و"سَمِيع". وذلك إنّما يكون فيهما عند ذكر الموصوف، وفَهْم المعنى بذكره، أو ما يقوم مقامَ ذكرهِ، فأمّا مع حذف الموصوف، فلا. لو قلت: "رأيت خضيبًا"، وأنت تريد "كَفًّا"، لم يجز للالتباس.

وأمّا الثاني، فقولهم: "عَلاَّمة"، و"نَسّابَةٌ"، لمن يكثُر علمُه، ومعرفتُه بالنَّسَب، وقالوا: "هِلباجَةٌ" للأحْمق، وقالوا "رَبْعَةٌ" للمتوسِّط في الطُّول، ليس طويلًا ولا قصيرًا، وقالوا: "غلامٌ يَفَعَةٌ" بمعنى اليافِع، وهو المرتفِعُ، يقال: "غلامٌ، وغِلْمانٌ يفعةٌ"، فهذا ونحوه لا يتبَع الموصوفَ في تذكيره، بل يثبُت فيه التاء، وإن كان الموصوفُ مذكَّرًا؛ لأنّ التاء فيه للمبالغة في ذلك الوصف. ولا تدخل هذه التاء في صفات الله تعالى، وإن كان معناها المبالغةَ لوجودِ لفظ التأنيث، ولا يحسُن إطلاقه على البارئ؛ لأنّها مبالغةٌ بعلامة نَقْص.

فصل [ما يُوصف ويوصَف به]

قال صاحب الكتاب: والمضمر لا يقع موصوفاً ولا صفة، والعلم مثله في أنه لا يوصف به، ويوصف بثلاثة بالمعرف باللام وبالمضاف إلى المعرفة وبالمبهم, كقولك مررت بزيد الكريم وبزيد صاحب عمرو وصديقك وراكب الأدهم وبزيد هذا. والمضاف إلى المعرفة مثل العلم يوصف بما يوصف به. والمعرَّف باللام يوصف بمثله وبالمضاف إلى مثله كقولك مررت بالرجل الكريم صاحب القوم, والمبهم يوصف بالمعرَّف باللام إسمًا أو صفة. واتصافه باسم الجنس ما هو مستبد به عن سائر الأسماء وذلك مثل قولك أبصر ذاك الرجل وأولئك القوم ويا أيها الرجل ويا هذا الرجل.

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ المعارف خمسٌ: المضمراتُ، نحو: أنا، وأنتَ، وهُوَ، ونحو ذلك ممّا سيأتي وصفُه. والأعلام، نحو: زيد، وعمرو، وقد تقدُّم بيانُها. والمبهماتُ، وهي أسماء الإشارة، نحو: هذا، وذلك، وذاك، وهؤلاء، ونحوها ممّا سيأتي بيانُها. وما عُرّف بالألف واللام، نحو: الرجل، والغلام، وما أضيف إلى واحد منها، نحو: غلامك، وغلامُ زيد، وصاحبُ هذا، وبابُ الدار، ونحو ذلك.

واعلم أنّ المعارف مرتَّبةٌ في التعريف والترتيب المذكور. فأعرفُها وأخصُّها


= مجرورة بالكسرة مثلها. جملة "فيها اثنتان ... ": لا محلّ لها من الإعراب لأنّها ابتدائيّة أو استئنافيّة.
والشاهد فيه قوله: "اثنتان وأربعون حلوبة" حيث أثبت التاء في "حلوبة" لأنّها بمعنى: محلوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>