للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل ["عدا" و"خلا"]]

قال صاحب الكتاب: و"عدا", و"خلا" مر الكلام فيهما في الاستثناء.

* * *

قال الشارح: قد تقدّم الكلام فيهما، ولا بدّ من تبنيةِ جملةٍ عليهما، وذلك أنهما يكونان فعلَيْن، فينصبان ما بعدهما، ويُضْمَر الفاعل فيهما، ويجريان مجرَى "لَيْس" و"لا يَكُونُ" في الاستثناء، فتقول: "أتاني القومُ خلا زيدًا" على تقديرِ: "خلا بعضهم زيدًا"، و"ما أتاني القوم عدا بكرًا" على معنى: "عدا بعضهم بكرًا"، كأنّك قلت: "جاوز بعضهم زيدًا". فإذا دخلتْ "ما" عليهما؛ كانا فعلَيْن لا محالةَ، وكانت مع ما بعدها مصدرًا في موضع الحال، كأنّك قلت: "مُجاوَزتَهم زيدًا"، أي: مُجاوِزين زيدًا، وخالين من زيد. وتكون من قبيلِ "رجع عَوْدَه على بَدْئه" ونظائرِه.

ويكونان حرفين، فيجرّان ما بعدهما، نحوَ قولك: "أتاني القوم خلا زيدٍ". ولا خلاف بين البصريين والكوفيين في جواز الخفض بـ "خَلا". ولم يذكر أحدٌ من النحويين الخفض بـ "عَدا" إلَّا أبو الحسن الأخفش، فإنّه قرنها مع "خلا" في الجرّ، فاعرفه.

فصل ["كَيْ"]

قال صاحب الكتاب: و"كَيْ", في قولهم: "كيمه" من حروف الجر بمعنى "لمه".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم القول في "كَيْ" بما أغنى عن إعادته، غيرَ أنّا نذكرها هنا لغةً تختصّ بهذا الفصل، وذلك أنّ "كَيْ" حرفٌ يُقارِب معناه معنى اللام؛ لأنها تدلّ على العلّة والغرض، ولذلك تقع في جوابِ "لِمَهْ"، فيقول القائل: "لِمَ فعلتَ كذا؟ " فتقول: "ليكونَ كذا". وهذا المعنى قريبٌ من قولك: "فعلت ذلك كَيْ يكونَ كذا"؛ لدلالتها على العلّة، إلَّا أنّها تستعمل ناصبة للفعل كـ "أنْ"، فلذلك تدخل عليها اللام، فتقول: "جئت لِكَيْ تقومَ"، كما تقول: "لأنْ تقومَ".

وقد تُستعمل استعمالَ حرف الجرّ، فيُدْخِلونها على الاسم، قالوا: "كَيْمَهْ"، والأصل: "ما" الاستفهاميةُ، فأدخلوا عليها "كَيْ"، كما يُدْخِلون اللام، ثمّ حذفوا الألف، وأتوا بهاء السَّكْت في الوقف، فقالوا: "كَيْمَهْ"، كما قالوا: "لِمَهْ". فقال بعضهم: إنها حرفٌ مشترَكٌ تكون حرفًا ناصبًا للفعل كـ "أنْ"، وتكون حرفًا جارًّا. فإذا قلت: "جئت لكي تقومَ"، كانت الناصبهَ للفعل؛ لدخول اللام؛ لأن حرف الجرّ لا يدخل على مثله. وإذا قلت: "كَيْمَهْ"، كانت الجارّة لدخولها على الاسم. فإذا قلت: "جئت كي تقوم" من

<<  <  ج: ص:  >  >>