وإنّما قال: "بين الواحد وجنسه"، ولم يقل: "بين الواحد وجمعه" لأنّ نحو: "تَمر"، و"شعير" في الحقيقة جنسٌ دالٌ على الكثرة، وليس بتكسيرٍ، وقد تقدّم الكلام على ذلك، فاعرفه.
[[التغييرات التي تحدثها النسبة في الاسم]]
قال صاحب الكتاب: والنسبة مما طرق على الاسم لتغييرات شتى؛ لانتقاله بها عن معنى إلى معنى, وحال إلى حال. والتغييرات على ضربين: جارية على القياس المطرد في كلامهم، ومعدولة عن ذلك.
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ النسب يُحْدِث في الاسم المنسوب تغييراتٍ، منها زيادةُ ياءي النسب في آخره، وكسرُ ما قبلها، وجعلُ الياءين منتَهَى الاسم وحرفَ الإعراب. فهذا أوّلُ تغييرٍ تَطرّق إلى اللفظ بسبب النسب. وإنّما تَطرّق التغييرُ إلى اللفظ لتغيير المعنى. ألا ترى أنّك إذا نسبت إلى عَلَمٍ، استحال نكرةً بحيث تدخله أداةُ التعريف كالتثنيةُ والجمع، وصار صفةً بمنزلة المشتقّ بعد الجُمود، ويرفع فاعلاً بعده، إمّا مظهرًا، وإمّا مضمَرًا، تقول: "مررت برجل تَمِيمِيٍّ أبُوه، وآخَرَ هاشِميّ أخوه". فهذا قد جَمَعَ التغييراتِ الثلاث: التنكيرَ بكونه قد صار صفة للنكرة، والصفةَ؛ بجَرَيانِه على ما قبله جَرْيَ الصفة، ورَفْعَه الظاهرَ بعده، فهو كـ"الحَسَن الوَجهُ" في أحكامه.
وقوله: "لانتقاله من معنى إلى معنى" إشارةٌ إلى ما ذكرناه من تنكيره وخروجه إلى الوصفيّة. وقوله: "من حال إلى حال" إشارةٌ إلى تغيير اللفظ.
وجملةُ الأمر أنّ تغيير النسب على ضربَيْن: أحدهما قياسٌ مطرِدٌ لكثرته عنهم، فيجري لذلك مجرى رفع الفاعل ونصب المفعول. والآخرُ ما لا يطّرِد فيه القياس، بل يُسمَع ما قالوه، ولا يتجاوز. وستَقِفُ علىَ ذلك مفضَّلًا مشروحًا إن شاء الله.
[فصل [حذف التاء ونوني التثنية والجمع في النسبة]]
قال صاحب الكتاب: فمن الجارية على قياس كلامهم: حذفهم التاء ونوني التثنية والجمع، كقولهم: "بصري", و"هندي", و"زيدي", في "البصرة", و"هندان", و"زيدون" اسمين. ومن ذلك: "قنسري", و"نصيبي", و"يبري", فيمن جعل الإعراب قبل النون. ومن جعله معتقب الإعراب قال: "قنسريني". وقد جاء مثل ذلك في التثنية. قالوا "خليلاني", و"جاءني خليلان" اسم رجل. وعلى هذا قوله [من الطويل]: