قال صاحب الكتاب: هي على ضربين ضرب لتسمية الأوامر وضرب لتسمية الأخبار, والغلبة للأول وهو ينقسم إلى متعد للمأمور, وغير متعد له. فالمعتدي نحو قولك:"رويداً زيداً", أي: أروده ,وأمهله. ويقال:"تيد زيداً" بمعنى رويد, و"هلم زيداً", أي قربه, وأحضره, و"هات الشيء" أي: أعطنيه, قال تعالى:{قل هاتوا برهانكم}(١). و"ها زيداً", أي خذه, و"حيهل الثريد", أي: إيته, و"بله زيداً" أي: دعه, و"تراكها" و"مناعها" أي: "اتركها" و"امنعها", و"عليك زيداً" أي: الزمه, و"علي زيدًا" أي: أولنيه.
* * *
قال الشارح: اعلم أن معنَى قول النحويين: "أسماءُ الأفعال" المرادُ به أنها وُضعت لتدل على صِيَغِ الأفعال، كما تدل الأسماءُ على مُسمَّياتها، فقولُنا:"بَعُدَ" دالٌ على ما تحته من المعنى، وهو خِلاف القُرب. وقولُك:"هَيْهَاتَ" اسم للفظِ "بَعُدَ"" دال عليه، وكذلك سائرها.
والغرض منها الإيجاز والاختصار، ونوعٌ من المبالغة، ولولا ذلك، لكانت الأفعالُ التي هذه الألفاظُ أسماءٌ لها، أوْلى بموضعها. ووجهُ الاختصار فيها مجيئُها للواحد والواحدة، والتثنية والجمعِ بلفظ واحد وصورةِ واحدةِ، ألا ترى أنك تقول في الأمر للواحد: "صَهْ يا زيد"، وفي الاثنين: "صَهْ يا زيدان"، وفي الجماعة: "صَه يا زيدون"، وفي الواحدة: "صَه يا هِندُ"، و"صَة يا هندان"، و"صَه يا هنداتُ"، ولو جئت بمُسَمَى هذه اللفظة، وهو "اسكُت"، و"اسكتا" للاثنين، و"اسكتوا" للجماعة، و"اسكتي"، للواحدة المخاطبة، و"اسكتنَ" لجماعة المؤنث؟ فتَرْكهم إظهارَ علامةِ التأنيث والتثنية والجمع مع أن في كل واحد من هذه الأسماء ضميرًا للمأمور، والمَنهيّ بحكم مشابهةِ الفعل، ونِيابتِه عنه دليلٌ على ما قلناه من قصدِ الإيجاز والاختصار. وأما المبالَغة، فإنّ