للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [معنيا "ظلَّ" و"باتَ"]

قال صاحب الكتاب: و"ظل", و"بات" على معنيين, أحدهما: اقتران مضمون الجملة بالوقتين الخاصين على طريقة "كان". والثاني: كينونتهما بمعنى "صار". ومنه قوله تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً} (١).

* * *

قال الشارح. حكم هذَيْن الفعلين كحكمِ "أصبح" و"أضحى". يكونان ناقصَيْن، فيدخلان على المبتدأ والخبر، لإفادة الوقت الخاص في الخبر، فتقول: "ظلّ زيدٌ يفعل كذا" إذا فعله في النهار دون الليل، و"بات خالدٌ يفعل كذا" إذا فعله ليلًا، والجملة بعده في موضع الخبر. ومنه قوله تعالى. {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (٢). و"ظلت" مخففٌ من "ظَلِلتُ" بكسر اللام، كأنه حذف منه اللام المكسورة، يُقال: "ظَلِلْتُ أفعلُ كذا، أظَلُّ ظُلُولًا". قال الشاعر [من الكامل]:

١٠٢٣ - ولقد أبِيتُ على الطَّوَى وأظَلُّهُ ... حتى أنالَ به كَرِيمَ المأكَلِ


= المعنى: بتّ كبيرًا، فلم أعد أحمل السلاح، وصرت واهنًا فلا أستطيع السيطرة على توجيه البعير إن هاج.
الإعراب: "أصبحت": فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل في محلّ رفع اسمه. "لا أحمل": "لا": حرف نفي، "أحمل": فعل مضارع مرفوع بالضمّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره: "أنا". "السلاح": مفعول به منصوب بالفتحة. "ولا": الواو: حرف عطف، "لا": حرف نفي. "أملك": فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل ضمير مستتر تقديره: "أنا". "رأس": مفعول به منصوب بالفتحة. "البعير": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "إن": حرف شرط جازم. "نفرا": فعل ماض مبنى على الفتح، في محلّ جزم فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف لدلالة الجملة عليه، والألف: للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر تقديره: "هو".
وجملة "أصحبت لا أحمل": ابتدائية لا محلّ لها. وجملة "لا أحمل": في محلّ نصب خبر "أصبح". وجملة "لا أملك": معطوفة عليها في محلّ نصب. وجملة "نفر": جملة الشرط غير الظرفي لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "أصبحت لا أحمل" حيث استخدم "أصبح" بمعنى "صار" دون أن يقصد بها وقتًا محدّدًا.
(١) النحل: ٥٨.
(٢) الواقعة: ٦٥.
١٠٢٣ - التخريج: البيت لعنترة في ديوانه ص ٢٤٩؛ ولسان العرب ١١/ ٤١٩ (ظلل)؛ والمخصص ٥/ ٣٤، ١٤/ ٧٣، ١٤٢؛ وكتاب العين ٧/ ٤٦٦؛ وتاج العروس (ظلل)؛ وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ٤٣٠.
اللغة والمعنى: الطوى (بكسر الطاء): الجوع.
أراد أنه يجوع، ويدوم جوعه، شرط ألا يفقد شيئًا من عزة نفسه، ويأكل عزيزًا كريمًا غير مهان.=

<<  <  ج: ص:  >  >>