للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [المعني الآخر لـ "لولا" و"لوما"]]

قال صاحب الكتاب: ولـ "لولا" و"لوما" معنى آخر, وهو امتناع الشيء لوجود غيره, وهما في هذا الوجه داخلتان على اسمٍ مبتدأ, كقولك: "لولا علي لهلك عمر".

* * *

قال الشارح: جملةُ الأمر أن "لَوْلا"، و"لَوْما" على وجَهَيْن: أحدهما هذا، والثاني أن تكونا لامتناع الشيء لوجود غيره. ويقع بعِدهما المبتدأُ، وتختصّان بذلك، ويكون جوابُهما سادًا مَسَدَّ خبر المبتدأ لطُوله، وذلك نحو قولك: "لولا زيدٌ لاْكرمتُك"، و"لوما خالذ لزُرْتُك"، فقد امتنع الإكرامُ والزيارةُ لوجودِ زيد وخالد. فقد صارا في هذا الوجه يدخلان على جملتَين ابتدائيةٍ وفعليّةٍ لرَبْط الجملة الثانية بالأُولى. فالجملةُ الابتدائيةُ هي التي تليها، والجملةُ الفعليةُ هي الجواب، فقولك: "لولا زيدٌ لأكرمتُك"، معناه: لولا زيدٌ مانع لأكرمتُك. والأصل قبل دخول الحرف: "زيد مانع لأكرمتُك"، ولا يكون حينئذ لإحدى الجملتين تعلّق بالأُخرى. فإذا دخلت "لولا" أو"لوما"، ربطت إحداهما بالأُخرى، وصيرت الأولى شرطًا والثانية جزاء.

وقد ذهب الكوفيون (١) إلى أن الاسم مرتفعٌ بعدها بها نفسِها لنيابتها عن الفعل، وذلك أنّا إذا قلنا: "لولا زيدٌ لأكرمتُك"، قالوا: معناه: لولا منع زيدٌ، فحُذف الفعل، وناب عنه الحرفُ. وقد استُضعف بأنّ العامل ينبغى أن يكون له اختصاصٌ بما يعمل فيه، وهذا الحرفُ لا يختصّ بالاسم؛ لأنّه قد دخل على الفعل. قال الشاعر [من البسيط]:

لَولَا حُدِدْتُ ولا عُذْرَى لمحدودِ (٢)

وقال الآخر [من الطويل]:

١١٦٤ - ألا زَعَمَتْ أسْماءُ أن لا أُحِبُّها ... فقلتُ: بَلى لولا يُنازِعني شغلي


(١) انظر المسألة العاشرة من كتاب "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص ٧٠ - ٧٨.
(٢) تقدم بالرقم ١٣٦.
١١٦٤ - التخريج: البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب ١١/ ٢٤٦، ٢٤٧؛ وشرح أشعار الهذليين ١/ ٨٨؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٧١؛ والمقاصد النحوية ١/ ٤٥٥، ٢/ ٣٨٩؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٦٠٧؛ والدرر ٢/ ٢٨؛ ولسان العرب ٤/ ٥٤٥ (عذر)؛ وهمع الهوامع ١/ ١٠٥.
اللغة: ينازع: يخاصم أو يشغل.
المعنى: كيف تقولين إني لا أحبك؟ ولكن أعمالي ومعيشتي تؤخرني عن زيارتك.
الإعراب: "ألا زعمت":"ألا": حرف تنبيه واستفتاح، "زعمت": فعل ماضٍ مبني على الفتحة =

<<  <  ج: ص:  >  >>