للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرُ مشتقّة، ولا متصرّفة، ولا يُعْرَف لها أصلٌ غيرُ هذا الظاهر، فوجب أن لا يُعْدَل عنه إلا بدليل، فلا يقال في ألِف "ما" و"لا"، و"حَتَّى" إئها زيادة؛ لعدمِ اشتاق يُفْقَد فيه ألفُها، كما نَجِد لألِف "ضاربٍ"، و"قائل" اشتقاقًا يفقد فيه ألفها، وذلك نحو: "ضَرَبَ يَضْرِبُ". ولا يقال: إِنها بدل؛ لأنّ البدل ضربٌ عن التصرّف، ولا تصرُّف للحروف، وأيضًا لو كانت الألفُ في "ما" من الواو، لوجب أن يقولوا: "مَوْ"، كما يقولون: "لَوْ"، و"أَوْ" بإقرِارها على لفظها من غير إبدال، وكذلك لو كانت من الياء، لقالوا: "مَيْ" كما قالوا: "كَيْ" و"أيْ"؛ لأنّها مبنيّة على السكون، والواوُ والياء لا تُقْلَبان ألفًا إلا إذا تحرّكتا وانفتح ما قبلهما.

وإذا بطل أن تكون زائدة في الحروف أو منقلبة، تعين أن تكون أصلاً، وكذلك الأسماء المبنية التي أوْغلت في شَبه الحروف، والأصواتُ المحكيّة، والأسماء الأعجميّة تجري مجرى الحروف في أن ألفاتها أصولٌ غيرُ زوائد، ولا منقلبة؛ لأنّا إنّما قضينا بذلك في الحروف لعدم الاشتقاق، وهذا موجودٌ في هذه الأسماء، فاعرفه.

[فصل [الواو والياء من حيث اتفاقهما في الإعلال واختلافهما]]

قال صاحب الكتاب: والواو والياء غير المزيدتين تتفقان في مواقعهما, وتختلفان, فاتفاقهما إن وقعت كلتاهما فاءً كـ "وعدٍ" و"يُسر"، وعينًا كـ "قولٍ" و"بيْع"، ولاماً كغزو ورمى، وعينا ولاما معا كقوةٍ وحية وإن تقدمت كل واحدة على أختها فاءً وعينًا في نحو: ويل, ويوم. واختلافهما أن الواو تقدمت على الياء في نحو وقيت وطويت، ولم تتقدم الياء عليها. وأما الواو في "الحيوان" و"حيوة" فكواو جباوة في كونها بدلاً عن الياء, والأصل "حييانٌ" و"حيية".

* * *

قال الشارح: قد أخذ يُريك مواقع هذه الحروف من الكِلَم؛ فأمّا الألفُ فقد تقدّم أمرها، وأنها لا تكون أصلاً في الأسماء المتمكنة، ولا في الأفعال. وأمّا الواو والياء، فقد تكونان أصلَيْن، وتقعان فاءً وعينًا ولامًا، فمثالُ كون الواو فاءً "وَعْلٌ"، و"وَصَلَ"، ومثالُ كونها عينًا نحو: "حَوْضٍ"، و"قاوَمَ"، ومثالُ كونها لامًا نحو: "غَزْوٍ"، و"غَزَوْت"، ومثالُ كون الماء فاءً نحو: "يُسْرٍ"، و"يَبِسَ"، والعينِ، نحو: "بَيْتٍ"، و"بايَعُ"، واللام، نحو: "ظَبْيٍ"، و"رَمَيت".

وقد يجتمعان في أوّل الكلمة، فيكون أحدهما فاءً، والآخر عينًا، نحو: "وَيْلٍ"، و"يَوْمٍ"، وتقديمُ الواو أكثرُ، فـ "وَيْل" و"وَيْحٌ" و"ويس" أكثر من "يَوْم" و"يُوح"، كأنّهم يكرهون الخروجَ من الياء إلى ما هو أثقلُ منها، وهو الواو، وكذلك لم يأت في كلامهم مثلُ "فِعُل" بكسر الأوّل وضمّ الثاني، فاستثقلوا الخروج من كسر إلى ضمّ بناءً لازمًا، وفيه

<<  <  ج: ص:  >  >>