للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترويحتَيْن، و"زمنَ نحرِ جزوَرْين"، والمرادُ مُدَّةَ هذا الزمنِ. و"الترويحتين": تثنيةُ "الترويحة" واحدة التراوِيح في الصلاة. يقال: "صلى ترويحتَيْن"، و"صلّى خَمْسَ ترويحاتٍ"، وهي أزمنةٌ مُوَقَّتةٌ تقع في جوابِ "مَتَى" من حيثُ هي موقَّتة، فيقال: "متى سِيَر عليه"؟ فيقال: "خفوقَ النجم، ومقدم الحاجّ، وصلاة العصر". وتقع في جواب "كَمْ" من حيث كانت مُدَّة معلومةً، فإذا قيل كم سير عليه جاز أن يكون جوابه: مقدمُ الحاجّ، وخلافةُ فلان، إن شئت رفعتَه بفعل ما لم يسمَّ فاعله، وإن شئت نصبته على الظرف. كلُّ ذلك عربىٌّ جيّدٌ، وقد تقدّم علّةُ ذلك.

فأمّا قوله تعالى: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} (١) قُرىء بكسر الهمزة وفتحِها (٢)، فمن كسر كانت مصدرًا، جُعل حينًا توسُّعًا، فهو من باب "خفوق النجم"، و"مقدمَ الحاجّ"، ومَن فتح الهمزة كان جمعَ "دُبْرٍ" على حدّ "قُفلٍ"، و"أقْفالٍ"، أو"دُبُرٍ" على حدّ "طُنُبٍ"، و"أَطْنابٍ"، وقد استُعمل ذلك ظرفًا، كقولك: "جئتُك في دُبْرِ كل صلاةٍ، وفي أدْبارِ الصلوات". قال الشاعر [من الطويل]:

٢٥٧ - على دُبُرِ الشَّهْرِ الحَرَامِ بأَرْضِنَا ... وما حَوْلَها جَدَّتْ سِنُونَ تُلَمِّعُ

فقراءةُ مَن كسر الهمزةَ أدْخلُ في الظرفيّة من قراءةِ مَن فتح. ولذلك يَقِلّ ظهورُ "في" مع المكسورة بخِلافِ مَن فتح.

[فصل [خروج الظرف عن الظرفية]]

قال صاحب الكتاب: "وقد يذهب بالظرف عن أن يقدر فيه معنى "في" اتساعاً،


(١) الطور: ٤٩.
(٢) قراءة الكسر هي قراءة الجمهور، وقرأ المطوعي ويعقوب وغيرهما بالفتح. انظر: البحر المحيط ٨/ ١٥٣؛ والمحتسب ٢/ ٢٩٢؛ ومعجم القراءات القرآنية ٦/ ٢٦٣.
٢٥٧ - التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
الإعراب: "على دبر": جارّ ومجرور متعلّقان بـ "جدّت". "الشهر": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "الحرام": صفة مجرورة بالكسرة. "بأرضنا": جارّ ومجرور متعلّقان بـ "جدّت"، ونا: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "وما": الواو: حرف عطف، ما: اسم موصول مبني في محل جرّ اسم معطوف على "أرض". "حولها": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة، متعلّق بفعل الصلة المحذوف وهو مضاف، وها: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "جدّت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث. "سنون": فاعل "جدّت" مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكّر السالم. "تلمع": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هي.
وجملة "جدّت": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة فعل الصلة المحذوف لا محلّ لها من الإعراب لأنها صلة الموصول وجملة "تلمع": في محل رفع صفة لـ "سنون".
والشاهد فيه قوله: "على دبر الشهر" حيث استخدم "دبر" بمعنى الظرفية، أي: في آخر الشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>