للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشاهد فيه أنه أضاف "الكوكبَ" إليها لجدِّها في عَمَلهاعند طُلوعه، وذلك أن الكَيّسة من النساء تستعِدّ صَيْفًا، فتنامُ وقتَ طلوعِ سُهَيْل، وهو وقتُ البَرد، والخرقاءُ ذاتُ الغَفْلة تكسَل عن الاستعداد، فهذا طلع سهيل، وبردتْ تَجِد في العمل، وتفرق قُطنَها في قَبِيلتها تستَعِين بهت، فخصّصها لذلك.

وكذلك قولُ الآخر [من الطويل]:

إذا قال فَدني ... إلخ

كذا أنشده أبو الحسن باللام للقَسم، وفتحِ آخِرِ الفعل على إرادةِ نونِ التأكيد، وحَذْفِها ضرورة، وأنشد أحمدُ بن يَحْيَى: "لَتُغْنن عنّي" بنون التأكيد الشديدة.

والبيت الشاهدُ فيه أنه أضاف "الإناءَ" إلى المخاطَب لمُلابَسته إياه وقتَ أَكله منه، أو شُرْبِه ما فيه من لَبَنٍ، أو مأكولٍ. والعربُ تقول: "أَغنِ عني وَجهَك"، أي: اجعله بحيثُ يكون غنيًّا عني، لا يحتاج إلى رُؤيَتي.

يقول له الضيفُ: "قَدنِي"، أي: حَسبِي ما أكلتُ، أو شرِبتُ، فيقول المُضِيفُ: "لَتُغنين عني جميعَ ما في الإناء، ولا تَرُده على بل اشرَبه كله". يصفُ رجلًا مِضيافًا.

[فصل [موانع الإضافة]]

قال صاحب الكتاب: والذي أبوه من إضافة الشيء إلى نفسه أن تأخذ الاسمين المعلقين على عين أو معنى واحد كالليث والأسد وزيد وأبي عبد الله والحبس والمنع ونظائرهن فتضيف أحدهما إلى الآخر فذلك بمكان من الإحالة. فأما نحو قولك جميع القوم وكل الدراهم وعين الشيء ونفسه فليس من ذلك.

* * *

قال الشارح: إضافةُ الشيء إلى نفسه ممّا لا يصح، وذلك من قِبَل أن الغرض من الإضافة التعريفُ، والتخصيصُ، والشيءُ لا يُعرف بنفسه, لأنه إن كان معرفة، كان مستغنيًا عن الإضافة بما فيه من التعريف, لأن نفسه موجودة، غيرُ مفقودةٍ، وليس في الإضافة إلَّا ما فيه، وإن كان عاريًا منه، كان أذهبَ في الإحالة، والامتناع, لأن الاسمَيْن المترادِفين على حقيقةٍ واحده لا يصيران غَيرَين بإضافةَ أحدهما إلى الآخر، ويَخدُثَ بذلك تخصيص، كما يحدُث من إضافةِ الأسماء المتباينةِ، نحو: "غلامُ زيد"، و"راكبُ فرس"، مع أن التضايُف إنما يقع بين شيئَين، كل واحد منهما غيرُ الآخر، كما أن التفْرِقَة تكون أيضًا فيما كان كذلك؛ فلذلك لا تضيف اسمًا إلى اسم آخرَ مُرادِفٍ له على حقيقته، ولا إلى كُنيَته سواءً كان ذلك الاسمُ معلَّقًا على عين، أو معنى، فالعينُ نحو قولك: "اللَّيثُ والأَسَدُ"، لا تقول: "ليثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>