للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فـ "كاد" "فَعِلَ"، وكذلك "زال". يدلّ على ذلك قولهم في المضارع: "يَكادُ" و"يَزالُ"، فنقلوا الكسرة من العين إلى الفاء بعد حذف حركة الفاء، فصار "كِيدَ" و"زِيلَ"، ولم يخافوا التباسَه بـ "فُعِلَ"، لأنّهما لازمان، و"فُعِلَ" لا يكون من اللازم، والذي يدلّ أنّ "زال" من الياء قولهم: "زيّلتُه فتزيّل".

وأمّا "كادَ"، ففيها مذهبان للعرب: قومٌ يجعلونها من الواو، وقومٌ من الياء، فقالوا: "كِدْتُ أكاد"، وقالوا: "كُدْتُ" بالضمّ، فمن قال: "كُدْتُ"، فهو من الواو لا محالةَ، وإن لم يُستعمل. قال الأصمعي: سمعتُ من العرب من قال: "لا أفعلُ ذلك ولا كَوْدًا". ومن قال: "كِدْتُ أكادُ"، فيحتمل أن يكون من الواو، مثلَ: "خِفْتُ أخافُ"، ويحتمل أن يكون من الياء، مثلَ: "هِبْتُ أهابَ". ويؤيّده قولُهم في المصدر: "كَيدًا". فإن قلت: فهلّا زعمتَ أنّ أصلَ "قامَ" و"قالَ": "فَعُلَ" بضمّ العين، وتستغنى عن كُلْفة التغيير؟ قيل: لا يصحّ ذلك؛ لأنّ "فَعُلَ" لا يجيء متعدّيًا، وأنت تقول: "عُدْتُ المريضَ"، و"زُرتُ الصديقَ"، فتجِده متعدّيًا، فاعرفه.

[فصل [الإعلال في صيغة المجهول]]

قال صاحب الكتاب: وتقول فيما لم يسم فاعله: "قِيلَ" و"بِيعَ" بالكسر، و"قُيِلَ" و"بُيعَ" بالإشمام، و"قُولَ" و"بُوعَ" بالواو، وكذلك اختير وانقيد له تكسر وتشم وتقول اختوِرَ وانقود له، وفي فُعِلْتَ من ذلك "عُدِتَ يا مريض" و"اختُرْتَ يا رجلُ" بالكسر والضم الخالصين والإشمام، وليس فيما قبل ياء "أُقِيمَ" و"استُقِيم" إلا الكسر الصريح.

* * *

قال الشارح: إذا بنيت "فُعِلَ" ممّا اعتلّت عينُه كسرت الفاء، لتحويلك حركةَ العين إليها، كما فعلت ذلك في "فعِلْتُ"، وذلك قولك: "خِيفَ" و"بِيعَ"، والأصلُ: "خُوِفَ"، و"بُيعَ", لأنّهما بوزنِ "ضُرِبَ"، فأرادوا أنّ يُعِلّوا العين كما أعلّوها في "خافَ" و"باعَ"، فسلبوها الكسرةَ، ونقلوها إلى الفاء بعد إسكانها؛ لاستحالة اجتماع الحركتين فيها، فانقلبت العينُ في ذوات الواو ياءً، نحو: "خِيفَ" و"قِيلَ"، لسكون العين وانكسار الفاء قبلها، وبقي ما كان من الياء بحاله ياءً، فصار كلُّه: "خِيفَ"، و"بِيعَ"، و"قِيلَ". هذه اللغة الجيّدة.


= وجملة "كيد ضباع القفّ يأكلن": بحسب الواو، وعطف عليها جملة "وكيد خراش ييتم". وجملة "يأكلن": في محل نصب خبر "كيد"، وكذلك جملة "ييتم".
والشاهد فيه قوله: "كيد" بدلًا من "كاد".

<<  <  ج: ص:  >  >>