للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا "مَا"، و"مَنْ"، فلا يُصغَّران؛ لأنّهما غيرُ متمكّنَيْن، وعلى حرفَيْن، وهما بمنزلة الحرف في الاستفهام والجزاء والخبرِ.

وأمّا "أَمْسِ"، و"غَدٌ"، فلا يُحقَّران؛ لأنّهما لمّا كانا يتعلّقان باليوم الذي أنت فيه، صارا بمنزلة المضمرات؛ لاحتياجهما إلى حضور اليوم، كما أنّ الضمير يحتاج إلى ظاهرٍ يتقدّمه، وكذلك "أوَّلَ من أَمْسِ" حكمُه حكمُ "أَمْسِ"، ومثله "البارِحَةَ".

وأمّا أيّام الأسْبُوع، نحو: "الثلاثاء"، و"الأربِعاء"، لا يحقّر شيء منها، وكذلك أسماء الشهور، نحو: "المُحَرَّم"، و"صَفَرٍ"؛ لأنّها أعلامٌ على هذه الأيّام، فلم تتمكّن تمكُّنَ "زيد"، و"عمرو"، ونحوهما من الأعلام؛ لأنّ العَلَم إنّما وُضع على شيء لا شريكَ له، وهذه الأسماء وُضعت على الشهور والأسبوع، ليُعْلَم أنّه الشهر الأوّل من السنة واليوم الأوّل، أو الثاني من الأسبوع، وذلك لا يختلف فيصغَّرَ بعضُها عن بعض. وذهب الكوفيون، وأبو عثمان المازنيّ، وأبو عمر الجرميّ إلى جواز تصغير ذلك.

وأمّا "ضاربٌ" إذا كان للحال والاستقبال، وهو في نيّة التنوين، فإنّه لا يحقّر أيضًا؛ لأنّا إذا نوّنّاه ونصبنا ما بعده، فهو في مذهب الفعل، وليس التصغيرُ ممّا يلحق الأفعالَ إلا في التعجّب، فلذلك لا يجوز: "هذا ضُوَيرِبٌ زيدًا غَدًا". فأمّا إذا كان لما مضى، نحو: "هذا ضاربُ زيدٍ أَمْسٍ"، فليس في مذهب الفعل، ومجراه مجرَى "غلامُ زيدٍ"، فكما تقول: "هذا غُلَيِّمُ زيدٍ"، فكذلك يجوز: "هذا ضُوَيْرِبُ زيدٍ أمسِ".

[فصل [تصغير الأسماء المبهمة]]

قال صاحب الكتاب: والأسماء المبهمة خولف بتحقيرها تحقير ما سواها, بأن تُركت أوائلها غير مضمومة، وألحقت بأواخرها ألفاتٌ, فقالوا في "ذا", و"تا": "ذيَّا", و"تيا" وفي "أولا", و"أُولاء": "أُليَّا", و"أُلياء"، وفي "الذي", و"التي": "اللذيَّا", و"اللتيا", وفي "الذين", و"اللاتي": "اللذيون", و"اللتيات".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ القياس في الأسماء المبهمة أن لا تُصغَّر، من حيث كانت مبنيّة على حرفَيْن كـ"مَنْ"، و"مَا"، إلا أنها لمّا كان لها شَبَهٌ بالظاهر من حيث كانت تُثنَّى، وتُجمَع، وتوصَف ويوصف بها، والتصغيرُ وصفٌ في المعنى، فدخلها التصغيرُ كما دخلها الوصفُ. ولمّا كانت مُخالِفة للأسماء المتمكّنة؛ خالفوا بين تصغيرها وتصغير المتمكّنة، بأن غيّروها على غير منهاج تغيير تصغير الأسماء المتمكّنة، وصار ذلك دلالة على حقارة المشار إليه، كما كان تغييرُ الأسماء المتمكّنة، بضمّ أوائلها وبنائها على "فُعَيْلٍ"، و"فُعَيْعِلٍ" دلالة على صِغَر المسمّى. فإذا أردتَ تصغير المبهم، تركتَ أوّلَه على

<<  <  ج: ص:  >  >>