ففيه تقويةٌ لمذهب أبي الحسن, لأنه جارٍ على قياسه، و"مَضوفَةٌ" هنا من "ضِفتُ" إذا نزلتَ عنده، والمراد هنا ما ينزل به من حوادث الدهر، ونوائِب الزمان، أي: إذا جاري دعاني لهذا الأمر شمّرتُ عن ساقي، وقمتُ في نُصرته. وهذا البيت عند سيبويه شاذ في القياس والاستعمال، وهو في الشذوذ كـ"القَوَد"، و"القُصْوَى" لأنّ القَوَد شاذ والقياس قادٌ، كـ"بابٍ"، و"القُصْوَى" أيضًا شاذ، القياس القُصْيَا كـ"الدُنْيَا"، وكان القياس في "المَضُوفة""المَضَيفة" فاعرفه.
[فصل [إعلال الاسم الثلاثي المجرد]]
قال صاحب الكتاب: والأسماء الثلاثية المجردة إنما يُعَلّ منها ما كان على مثال الفعل؛ نحو:"بابٍ" ودار وشجرة شاكة ورجلٍ مالٍ" لأنها على فَعَلٍ أو فَعِلٍ. وربما صح ذلك نحو القود والحركة والخونة والجورة ورجل روع وحول. وما ليس على مثاله ففيه التصحيح كالنوَمَة واللُوَمَة والعُيَبَة والعِوَض والعِوَدة. وإنما أعلوا قيماً لأنه مصدر بمعنى القيام وصف به في قوله تعالى:{دينًا قيمًا}(١).
* * *
قال الشارح: قد تقدّم القول: إِن الإعلال والتغيير إنّما هو للأفعال لتصرّفها باختلاف صِيَغها للدلالة على الزمان وغيرِه من المعاني المفادة منها من نحو: الأمر، والنهى، وإعلالُ الأسماء إنما كان بالحمل عليها، فـ "بابٌ" ونحوه من قولك: "دارٌ"، و"ساق" وما أشببهما مما هو علي بناء الفعل فإتما انقلبت عينُه, لأنها متحركة قبلها فتحةٌ، فصارت في الأسماء بمنزلةِ "قالَ"، و"باعَ" في الأفعال، والذي أوجب القلبَ فيها اجتماعُ المتشابهات, لأنّ حروف اللين مضارعة للحركات، فكرهوا اجتماعَها، فلذلك قلبوا, نحو: "قالَ"، و"باعَ"، و"بابٍ"، و"دارٍ" إلى حرف يُؤْمَن معه الحركةُ ألبتّة، وهو الألف، ولذلك كانت الألف عندهم بمنزلةِ حرف متحرّك لأنها غيرُ قابلة للحركة كما أنّ الحرف المتحزك غير قابل لغير حركته. فإن قال قائل: لِمَ لم يجز؛ نحو: "باب"، و"دار" على أصولها من التصحيح ليكون ذلك فَرْقًا بينها وبين الأفعال كما فُعل فيما لحقته الزوائدُ؟ قيل: الفرق بينهما أنّ ما لحقته زائدةٌ من الأسماء يُبْلَغ به زنةُ الأفعال، فإذا سُمّي به لم ينصرف، فيلتبس بالفعل لأنَّه لا يدخله خفضٌ، ولا تنوينٌ، وما كان على ثلاثة مجرَّدًا من الزيادة فالتنوينُ والخفضُ يفصل بينه، وبين الفعل.
وقوله: "لأنّها على فَعَلٍ، أو فَعِلٍ" فالمراد أنّ "بابًا"، و"دارًا" على "فَعَل" و"شجرةٌ