للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاكَةٌ"، و"رجلٌ مالٌ" على "فَعِل" بكسر العين. فإن قيل: ولِمَ قلت: إِنّ "بابًا"، و"دارًا" أصلُهما "فَعَلٌ"، و"شجرةٌ شاكةٌ"، و"رجلٌ مالٌ"، "فَعِلٌ قيل: فَعَلٌ بفتح العين؛ نحو: "قَلَم"، و"جَبَل" أكثرُ في الكلام من "فَعِل", و"فَعُل نحو: "كَتِف"، و"عَضُد" فحُمل على الأكثر، وهو الفتح إذ لم تقم دلالةٌ على خلافه. وأمّا قولهم: "شجرةٌ شاكَةٌ" فإنّه يقال: "شاكَ الرجلُ، يَشاكُ شَوْكًا" إذا ظهرت شوكتُه وحِدّتُه، وكذلك يقال: "مالَ الرجلُ يَمالُ" إذا كثر مالُه، فهما من بابِ "فَعِلَ يَفْعَل من نحو: "خافَ يَخافُ" فالاسم منهما فَعِلٌ من نحو: "حَذِرَ يَحْذَرُ فهو حَذِرٌ"، و"وَجِلَ يَوْجَلُ، فهو وَجِلٌ" فلذلك قلنا: إِنّ نحو. "شجرة شاكة"، و"رجل مال" من قبيل "حَذِرٍ"، و"وَجِلٍ".

وقد شذّت من ذلك ألفاط، فُصحّحت، ولم تُعَلّ كأنّهم أخرجوها مُنبِّهةً على أصل الباب؛ نحو: "القَوَد"، و"الحَوَكَة"، و"الحوَنَة"، و"الجَوَرَة" فهذه الأشياء من باب "مال"، و"دار وقالوا: "رجلٌ رَوعٌ، وحَوِلٌ"، فهما من باب "شاكةٍ"، و"مالٍ". وقوله: "وما ليس على مثاله ففيه التصحيح" يريد أنّهم لم يُعلّوه لأنّه ليس على وِزان الفعل كـ "اللُوَمَة"، وهو الكثيرُ اللَوم، و"النُوَمَة" وهو الكثير النَوْم، و"العُيَبَة" الذي يعيب الناسَ كثيرًا، فصحّت هذه الألفاظُ، وما كان نحوها لمبايَنتها الأفعالَ باختلاف بنائهما، فصار البناء فيما ذكرناه كالزيادة في "الجَوَلان"، و"صَوَرَى" في امتيازهما من الفعل بما لحِقه في آخِره من الألف والنون، والتنوين، وألف التأنيث، وهذه زوائدُ ممّا يختصّ به الأسماء دون الأفعال، فجرى ما خالف الفعلَ في البنية مجرَى ما خالفه بالزيادة، فكان بناؤُه موجبًا لتصحيحه لبُعْده عن شَبَه الفعل، كما كانت الزيادةُ كذلك في آخِره، فصُحّح لمخالَفته الفعلَ. ومن ذلك "العِوَض"، و"العِوَدَة"، و"الحِوَل"، و"الطِّوَل". كلُّ ذلك صحّ لمخالفة بنائها أبنيةَ الأفعال، ومع ذلك لو أعللنا نحوَها, لم نَصِرْ إلى حرف يُؤمَن معه الحركةُ، لأنّا إنّما نصير إلى الواو في نحو: "العُيبة"، و"اللُّوَمة" لانضمام ما قبلها، وإلى الياء في نحو: "الحِوَل"، و"الطِّوَل" لانكسار ما قبلها خِلافَ نحو: "بابٍ"، و"دارٍ"، لأنّا صِرْنا فيهما إلى الألف، وهو حرف يؤمن معه الحركةُ.

وأمّا "قِيَمًا" من قوله تعالى: {دِينًا قِيَمًا} (١) فقد قُرىء "قَيِّمًا" (٢)، وهو "فَيعِلٌ" من القيام، نحو: "سَيِّدٍ"، و"مَيِّتٍ" ولا إشكالَ في الوصف بذلك، وقد تكرّر في الكتاب


(١) الأنعام: ١٦١.
(٢) قرأ بذلك نافع وابن كثير وأبو عمرو وغيرهم.
انظر: البحر المحيط ٤/ ٢٦٢؛ وتفسير الطبري ١٢/ ٢٨٢؛ والكشاف ٢/ ٥٠؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ٢٦٧؛ ومعجم القراءات القرآنية ٢/ ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>