للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزيز في عدّة مواضع، نحو. {الدِّينُ الْقَيِّمُ} (١) و {دِينُ الْقَيِّمَةِ} (٢) و {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} (٣) وهو المستقيم. وقُرىء: {قِيَمًا} بكسر القاف، وتخفيفِ الياء وفتحِها ووجهُه أن يكون مصدرًا كـ"الصغَر" و"الكِبَر"، فأعلّوه لاعتلال فعله، ولولا ذلك لصحّ كما في قوله تعالى: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} (٤)، لأنّهم لم يُجروه على فعلٍ. ومثل ذلك لو بنيت من "البيع" و"القول" ونحوِهما من المعتلّ على مثالِ لا يكون عليه الفعلُ، نحو: "فِعَل"، لقلتَ: "بِيَعٌ"، و"قِوَلٌ". وعليه قوله تعالى: {حِوَلًا}، ولو كان جاريًا على الفعل من نحو: "حالَ يَحُول"، لقلت: "حِيلًا" باعتلال فعله، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: والمصدر يُعَلّ بإعلال الفعل, وقولهم: "حال حولاً" كالقود. و"فُعُلٌ" إن كان من الواو سكنت عينه لاجتماع الضمتين الواو، فيقال نُورٌ وعُونٌ في جمع نَوارٍ وعَوان. ويثقل في الشعر, قال عدي بن زيد [من الكامل]:

[عن مبرقات بالبرين فيبدو] ... وفي الأكف اللامعات سور (٥)

وإن كان من الياء فهو كالصحيح. من قال: "كُتُبٌ" و"رُسُل", قال: "غُيُرٌ" و"بُيُضٌ" في جمع "غَيُورٍ" و"بَيُوض" ومن قال: "كُتْبٌ" و"رُسْل" قال: "غِيْرٌ" و"بِيْض".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم القول إن المصادر تُعَلّ باعتلال أفعالها، وتصحّ بصحّتها، ألا تراك تقول: "قام قيامًا"، و"لاذَ لياذًا"، وتقول: "قاوَمَ قِوامًا"، و"لاوَذَ لِواذًا" لِما بينهما من العُلْقة؟ فأرادوا أن يكون العمل فيهما من وجه واحد. وقد جعل صاحب الكتاب "حِوَلًا" جاريًا على الفعل، وأخرج صحّتَه على الشذوذ من نحو: "القَوَد"، و"الحَوَكَة". والوجهُ ما بدأنا به، لأنّه على القياس.

وأمّا "فُعُلٌ" فيما اعتلّت عينُه، فما كان منه من ذوات الواو، فإنّ الواو تسكَّن فيه لاجتماع ضمَّتَيْن والواوِ، فجعلوا الإسكان فيه بمنزلة الهمزة في الواو المضمومة في نحو: "أَذؤُر"، و"أَثْؤُب"، فقالوا: "عَوانٌ عُونٌ"، وهي التي بين الصِّغَر والكِبَر، و"نَوارٌ، ونُورٌ"


(١) يوسف: ٤٠، والروم: ٣٠، والتوبة: ٣٦.
(٢) البينة: ٥.
(٣) البينة: ٣.
(٤) الكهف: ١٠٨.
(٥) تقدم بالرقم ٧٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>