درهم واحد له، ولو نصب فقال:"كم درهمًا لك؟ " لكان سائلًا عن عددِ دراهمه.
وتقول "كم عبدُ الله ماكثٌ؟ " فـ "عبدُ الله" مبتدأ، و"ماكثٌ" الخبر، و"كَمْ" ظرفُ زمان منتصبٌ بـ "ماكث"، والمميّزُ محذوف، والتقدير: كم يومًا، أو شهرًا عبدُ الله ماكث؟ فالمسألةُ عن مقدارِ مَكْثه من الزمان. ولذلك قُدّر بالزمان. وكذلك تقول:"كم سرتَ؟ " ولا تذكر مفسِّرًا، فيحتمل أن تريد ما سارَهُ من المسافة، فيكون ظرفَ مكان، كأنك قلت:"كم فرسخًا سرت؟ " أو"كم مِيلاً؟ " ونحو ذلك. وإذا أردت ما ساره من الأيّام، فهو ظرفٌ من الزمان، وتقديرُه: كم يومًا سرتَ، أو ساعةً؟ فتكون "كم" في موضعِ نصب بالفعل، وكذلك "كم جاءك فلان؟ " والمراد: كم مرّة جاءك؟ وقد قدّر صاحب الكتاب المفسِّر المحذوفَ بالنصب والخفض، فالنصبُ على الاستفهام، والخفضُ على الخبر، وقد تقدّم أنّ تقديره منصوباً أحسنُ، إذ حذفُ المضاف إليه قبيحٌ، فاعرفه.
[فصل [مميز "كم" الاستفهامية]]
قال صاحب الكتاب: ومميز الاستفهامية مفرد لا غير, وقولهم كم لك غلماناً؟ المميز فيه محذوف، والغلمان منصوبة على الحال بما في الظرف من معنى الفعل، والمعنى كم نفساً لك غلماناً؟
* * *
قال الشارح: قد تقدّم أن "كم" الاستفهاميّة تُفسَّر بالواحد المنكور، نحو:"رجل" و"غلام" و"درهم" و"دينار" ونحوها من الأنواع، وذلك لأنّها في الاستفهام مقدّرةٌ بعدد منوَّن، أو فيه نونٌ، نحو:"خمسةَ عشرَ"، و"عشرين"، و"ثلاثين"، ونحو ذلك من الأعداد المنوَّنة. وتفسيرُ هذه الأعداد إنّما يكون بالواحد المنكور، نحو:"عندي خمسةَ عشرَ غلامًا، وعشرون عمامة"، فكذلك ما كان في معناها، فلذلك فُسرت "كم" في حال الاستفهام بالواحد.
فأمّا الخبريّة، فإنّه يجوز تفسيرُها بالمفرد والجمع، نحو:"كم رجل عندك! ". و"كم عِمامةٍ لك! " و"كم رجالٍ عندك! " و"كم غِلْمانٍ لك! " لأنها في تقديرِ عدد مضاف. والعددُ المضاف منه ما يضاف إلى جمع، نحو:"ثلاثةُ أثوابٍ"، و"عشرةُ غلمانٍ"، ومنه ما يضاف إلى واحد، نحو:"مائةُ دينار"، و"ألفُ درهم". وكانت "كَمْ" تشمَل النوعَيْن، فأضيفت إليهما. وقال أبو عليّ: أصلُها أن تضاف إلى واحد، وإنّما أضيفت إلى الجمع على الأصل المرفوض؛ لأن الأصل في "مائةُ درهم": "مائة من الدراهم"، فحذفوا "من" تخفيفًا، واكتفوا عن الجمع بالواحد، كما قالوا:"ثلاثُ مائةٍ"، والأصلُ: ثلاثُ مِئِين. فأمّا قولهم:"كم لك غلمانًا؟ " فـ "كَمْ" في موضع مبتدأ، و"لَكَ" الخبرُ، والمميِّزُ