للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنزِلَنَّ"، و"ألا تَقُولَنَّ"؛ لأنّك تعرض، فهو بمنزلة الأمر والنهي؛ لأنَّه استدعاءٌ كما تستدعي بالأمر. وكذلك التمنّي في معنى الأمر أيضًا, لأنّ قولك: "لَيتَكَ تَخرُجَنَّ" بمعنى: "اخرُجَنَّ"؛ لأنّ التمنّي طلبٌ في المعنى، فاعرفه.

[فصل [أحكامها]]

قال صاحب الكتاب: ولا يؤكد بها الماضي ولا الحال ولا ما ليس فيه معنى الطلب. وأما قولهم في الجزاء المؤكد حرفه بـ "ما": إما تفعلن. قال الله تعالى: {فإما ترين من البشر أحداً} (١) , وقال: {فإما نذهبن بك} (٢) , فلتشبيه "ما" بلام القسم في كونها مؤكدة. وكذلك قولهم: "حيثما تكونن آتك", و"بجهد ما تبلغنَّ", و"بعين ما أرينك" (٣). فإن دخلت في الجزاء بغير "ما"؛ ففي الشعر تشببهاً للجزاء بالنهي. ومن التشبيه بالنهي دخولها في النفي, وفيما يقاربه من قولهم: "ربما تقولن ذاك"، و"كثر ما يقولن ذاك". قال [من المديد]:

١٢٠٥ - ربما أوفيت في علم ... ترفعن ثوبي شمالات

* * *


(١) مريم: ٢٦.
(٢) الزخرف: ٤١.
(٣) هذا القول من أمثال العرب، وقد تقدم تخريجه.
١٢٠٥ - التخريج: البيت لجذيمة الأبرش في الأزهية ص ٩٤، ٢٦٥؛ والأغاني ١٥/ ٢٥٧؛ وخزانة الأدب ١١/ ٤٠٤؛ والدرر ٤/ ٢٠٤؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٨١؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٢؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١٩؛ وشرح شواهد المغني ص ٣٩٣؛ والكتاب ٣/ ٥١٨؛ ولسان العرب ٣/ ٣٢ (شيخ)، ١١/ ٣٦٦ (شمل)؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٣٤٤، ٤/ ٣٢٨؛ ونوادر أبي زيد ص ٢١٠؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢٩٣، ٣٦٦، ٣٦٨؛ والدرر ٥/ ١٦٢؛ ورصف المباني ص ٣٣٥؛ وشرح الأشموني ٢/ ٢٩٩؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٠٦؛ وكتاب اللامات ص ١١١؛ ومغني اللبيب ص ١٣٥، ١٣٧، ٣٠٩؛ والمقتضب ٣/ ١٥؛ والمقرب ٢/ ٧٤؛ وهمع الهوامع ٢/ ٣٨، ٧٨.
اللغة: أوفى: أشرف أو نزل. العلم: الجبل. الشمالات: جمع الشمال، وهي ريح الشمال.
المعنى: يفخر الشاعر بأنّه يحفظ أصحابه في رأس جبل إذا خافوا من الأعداء، ويكون لهم طليعة.
الإعراب: "ربّما": "ربّ": حرف جرّ شبيه بالزائد، و"ما": حرف كافّ. "أوفيت": فعل ماضٍ، والتاء: ضمير متصل مبنى في محلّ رفع فاعل."في علم": جار ومجرور متعلّقان بـ "أوفيت". "ترفعن": فعل مضارع مبنيّ على الفتح لاتّصاله بنون التوكيد، والنون: حرف توكيد. "ثوبي": مفعول به منصوب، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "شمالات": فاعل مرفوع بالضمّة.
وجملة "ربما أوفيت": ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ترفعن": في محلّ نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "ترفعَنْ" حيث أكَّد الشاعر الفعل بالنون الخفيفة بعد "ما" المسبوقة بـ "رُبَّ"، وهذا للضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>