الكلمة، نحوِ:"مِائةِ" و"مِئين"، و"قُلَةٍ" و"قُلِين"، و"ثبَةٍ" و"ثُبِين"، والمضافُ إليه كلمةٌ قائمةٌ بنفسها، وحرفُ الإعراب ما قبلَها، فالجوابُ أنّ المضاف إليه أيضًا يتنزّلُ من المضاف منزلةَ ما هو من نفسِ الاسم، ولذلك لا يُفصَل بينهما.
وإذا صغّرتَ نحوَ "عبد الله" و"امرؤ القَيْس"، ونحوهما من الأعلام المضافةِ، إنّما تُصغِّر الاسمَ المضافَ دون المضاف إليه، فتقول:"هذا عُبَيْدُ الله"، و"مُرَيْءُ القيس"، كما تفعل ذلك في عَلَمِ التأنيث، ألا ترى أنّك تقول في تصغيرِ "طَلْحَةَ" ونحوه: "طُلَيْحَةُ"، وفي تصغير "حَمْراءَ": "حُمَيْراء"، فتُصغِّر الصدرَ، وتُبْقِي علمَ التأنيث بحاله، فلمّا تنزّل المضافُ إليه من المضاف منزلةَ الجزء من الكلمة؛ جاز أن يُعوَّض منه إذا حُذف، وأريد معناه.
وذهب قومٌ من المُحقّقين إلى أنّ تعريفَ هذه الأسماء بالوَضْع، وهو من قبيلِ تعريفِ الأعلام، نحو:"زيد"، و"عمرو". ويدلّ على صحّةِ ذلك أن "أجمعَ"، و"جُمَعَ" لا ينصرفان، فأمَّا "أجمع"، فلا ينصرف للتعريف ووزن الفعل، وأمّا "جُمَعُ" فلا ينصرف للتعريف والعَدْلِ، فذهب قومٌ إلى أنّه معدولٌ عن "جُمْع" لأنّ "فَعْلاء" ممّا مُذكَّرُه على "أَفْعَلَ" تُجمع على "فُعْل" نحوَ "حَمْراءَ" و"حُمْرٍ"، و"صَفْراءَ" و"صُفْير"، وهو رأيُ أبي عثمانَ المازِنيّ، وكان يعتقِد في التأكيد أنّه ضربٌ من الصفة. وذهب آخرون إلى أنّه معدولٌ عن "جَمَاعَى" لأنّ "فَعْلاء" إنما تُجمع على "فُعْل" إذا كانت صفةَ، نحوَ:"حَمْراءَ وحُمْرٍ"، و"صَفراءَ وصُفْر"، وأمّا إذا كانت اسمًا، فبابُها أن تُجمع على "فَعَالَى"، نحوَ:"صَحْراءَ وصَحَارَى"، و"أجمَعَ، وجُمَعُ" اسمان غيرُ صفتَيْن.
ويُنقَل عن صاحب هذا الكتاب أنه كان يذهب إلى أن "أجمع" و"أجمعين"، وما بعدهما معارفُ لأنّها معدولة عن الألف واللام، والمرادُ "الأجمعُ"، و"الأجمعون"، كما أن "أَمْسِ" معدولٌ عن "الأمْسِ"، وقد تكرّر العدلُ في "جُمَعَ" كأنّه معدول عن شيئَيْن: الألفِ واللام، وعن "جَماعَى" كـ"صَحارَى"، فاعرفه.
[فصل [التأكيد بـ "أكتعون" و "أبتعون" و "أبصعون"]]
قال صاحب الكتاب: و"أكتعون وأبتعون وأبصعون إتباعات لـ "أجمعون" لا يجئن إلا على أثره, وعن ابن كيسان تبدأ بأيتهن شئت بعدها. وسمع أجمع أبصع وجمع كتع وجمع بتع وعن بعضهم جاءني القوم أكتعون.
* * *
قال الشارح: الأسماءُ التي يُؤكَّد بها مُرتَبةٌ، فبعضُها مقدَّمٌ، فـ "نفسه" و"عينه"، مقدَّمان على "كُلّ"؛ لأنّهما أشدُّ تمكُنًا في الاسميّة من "كلّ" على ما تقدّم، و"كلٌّ" مقدَّمةٌ على "أجمعَ"؛ لأنّ "كلاًّ" تكون تأكيدًا وغيرَ تأكيد، و"أجمعُ" لا تكون إلاّ تأكيدًا، تقول: