للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت من الحَماسة لأبي خِراش الهُذَلي، وهو من قِطْعةٍ أوَّلُها:

حَمِدْتُ إِلهِي بعدَ عُرْوَةَ إذ نَجَا ... خِراشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بَعْضِ والشاهد فيه قولُه: "على أنها" على تأنيثِ القصّة، أي: على أن القصّة تعفو الكلومُ. الكلومُ: جمعُ كَلْم، وهي الجِراحُ. تعفو أي: تَدْرُسُ، من قولهم: "عَفَتِ الرِّياحُ المنزل"، أي: درستْه. والمرادُ: أن الكلوم والمَصائب قد تُنسَى، وإنّما نُوَكل منها بما يقرُب حدوثُه، وإن كان ما مضى منه جليلًا، فاعرفه.

[فصل [تمييز الضمير]]

قال صاحب الكتاب: والضمير في قولهم "ربه رجلاً" نكرة مبهم يرمي به من غير قصد إلى مضمر له، ثم يفسر العدد المبهم في قولك: "عشرون درهماً". ونحوه في الإبهام والتفسير والضمير في نعم رجلاً.

* * *

قال الشارح: هذا الضمير كالضمير المتقدّم في احتياجه إلى ما يُفسِّره، إلّا أن ذلك الضمير يُفسَّر بجملةٍ، والضميرَ في"رُبَّ" يفسر بمفردٍ، وإنّما دخلتْ "رُبَّ" على هذا المضمر، و"رُبَّ" مختصّةٌ بالنكرات من حيث كان ضميرًا لم يتقدمه ذكر، فكان مبهما مجهولًا يحتاج إلى ما يُفسره ويُبيِّنه، فأشبهَ النكراتِ، فساغ دخولُها عليه لذلك.

وصار كالعدد إذا قلت: "عشرون"، أو"ثلاثون" مَثَلًا، فإنّه يُفيد مقدارًا معلومًا من غيرِ أن يدل على نوعِ المعدود، فهو مبهمٌ، ولذلك فُسّر بالواحد، ليدل على نوع المعدود.

ونظيرُ هذا المضمر المضمرُ في "نِعْمَ"، و"بِئْسَ" في أحدِ ضربَيْ فاعلهما، فإنّه يكون مضمرًا لم يتقدمه ذكر، ثم يُفسر بالواحد المنكورِ، نحوَ: "نِعْمَ رجلًا زيد"، و"بِئسَ غلامًا عمرٌو"، وسنذكُر حكمَهما في موضعهما إن شاء الله تعالى.

[فصل [الضمير بعد "لولا"]]

قال صاحب الكتاب: وإذا كنى عن الأسم الواقع بعد لولا وعسى فالشائع الكثير أن يقال لولا أنت ولولا أنا وعسيت وعسيت قال تعالى: {لولا أنتم لكنا مؤمنين} (١) وقال: {فهل عسيتم} (٢). وقد روى الثقات عن العرب: "لولاك",


(١) سبأ:٣١.
(٢) محمَّد: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>