للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواو. وذلك أنّ الواو والنون زائدتان فيه، أمّا الواو؛ فلأنها لا تكون أصلاً في الثلاثة فصاعدًا. وأمّا النون فزائدةٌ أيضًا؛ لأنّها لا تكون ثالثة ساكنة إلا زائدةٌ، كنون "شَرَنبَث" (١)، و"عَصَنصَرٍ" (٢)، ومجراهما في الزيادة واحدٌ، فلذلك كنتَ مخيَّرًا في حذفِ أيّهما شئتَ، وتقول في تحقير "حَبَنْطى"، وهو القصير: "حُبَيطٍ"، وإن شئت: "حُبَينِطٌ"؛ وذلك أنّ النون والألف زائدتان للإلحاق بـ "سَفَرْجَلٍ"، فهما سِيّانِ، لا مَزِيَّةَ لإحداهما على الأخرى. والذي يدلّ على زيادتهما أنّ النون قد اطّردت زيادتُها إذا وقعت ثالثةً ساكنةً، نحو: "شرنبث"، و"عصنصر"، و"سَجَنْجَلٍ" (٣)؛ وأمّا الألف؛ فلأنّها لا تكون مع ثلاثة أحرف أصولٍ فصاعدًا إلا زائدةً، وسُمع فيها التنوين، فلا تكون للتأنيث، وكان الإلحاق معنًى مقصودًا، فحُملت عليه. فإذا صغّرتَه، فإن شئت حذفتَ النون وأبقيت الألف، إلا أنّك تقلب الألف ياءً؛ لانكسار الطاء قبلها، فقلت: "هذا حُبَيْطٍ"، و"مررت بحُبَيْطٍ"، و"رأيت حُبَيْطِيًا"، وإن شئت حذفت الألف، فقلت: "حُبَيْنِطٌ يا هذا". وحذفُ الألف أحبُّ إليّ لتطرُّفها.

[[تصغير الثلاثي المزيد بثلاثة أحرف والرباعي المزيد]]

قال صاحب الكتاب: وإن كن ثلاثاً, والفضل لإحداهن حذفت أختاها, فتقول في مقعنسس: "مُقيعسٌ"؛ وأما الرباعي, فتحذف منه كل زائدة, ما خلا المدة الموصوفة. تقول في "عنكبوتٍ": "عُنيكبٌ" وفي "مقشعرٌّ": "قُشيعرٌ", وفي "احرنجامٍ": "حُريجيمٌ".

* * *

قال الشارح: قوله: "وإن كنّ ثلاثًا" أي: إن كان في الاسم الثلاثيّ ثلاثُ زيادات، ولإحداهنّ فضلٌ ومَزيةٌ على أُخْتَيْها؛ أَبقيتَ ذاتَ المزيّة، وحذفتَ أختيها، نحو: "مُقعَنسِس"، إذا صغّرته، قلت "مُقَيْعِسٌ"، حذفتَ النون، وإحدى السينَيْن، وأبقيت الميم؛ لأنّها تدلّ على الفاعل، كما أبقيتَها في "مُغَيْلِم"، و"مُطَيْلِقٍ"، تصغير "مُغْتَلِم"، و"مُنْطَلِقٍ". هذا مذهب سيبويه (٤). وكان أبو العبّاس المبرّد يقول: "قُعَيْسِسٌ"؛ لأنّ "مقعنسسًا" ملحقٌ بـ "مُحْرَنْجِم"، وأنت تقول في "محرنجم": "حُرَيُجِمٌ"، فكذلك في "مُقْعَنْسِسٍ" لأنّ حكم الزائد فيه حكمُ الأصل. والمذهبُ الأول هو المختار؛ لأنّ


(١) الشرنبث: الغليظ الكف وعروق اليد، وربَّما وُصِف به الأسد. والشَّرنبث: الأسد عامَة، وأسد شرنْبَث: غليظ. (لسان العرب ٢/ ١٦٠ (شربث)).
(٢) عَصَنْصَر: موضع، وقيل: ماء لبعض العرب، وقيل: جبل. (معجم البلدان ٤/ ١٢٨).
(٣) السجنجل: المرآة (لسان العرب ١١/ ٣٤٧ (سجل)).
(٤) الكتاب ٣/ ٤٢٩، وفيه: "وإذا حقَّرتَ مقعَنْسٍ"، حذفتَ النون وإحدى السِّينين؛ لأنّك كنتَ فاعلًا ذلك لو كسَّرتَه للجمع. فإن شئت قلت: "مُقَيْعِس"، وإن شئت قلت: "مَقْيعيس".

<<  <  ج: ص:  >  >>