للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون لهذه الأشياءُ مَعارفَ إذا شُهر المضاف بمُغايرة المضاف إليه، أو بمُماثَلته، فيكون اللفظُ بحالِه، والتقديرُ: مختلِفٌ. فإذا قال القائلُ: "مررت برجلٍ مثلِك، أو شِبْهِك" وأراد النكرةَ، فمعناه: بمُشابِهك، أو مُماثِلك في ضربٍ من ضروب المماثَلة والمشابَهةِ. وهي كثيرةٌ غيرُ محصورة. وإذا أراد المعرفةَ، قال: "مررتُ بعبد الله مثلِك"، فكان معناه: المعروف بشَبَهك، أي: الغالب عليه ذلك.

ونحوه قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (١) لأنّ المراد بالذين أنعمت عليهم المؤمنون، والمغضوبُ عليهم الكُفّارُ، فهما مختلفان، ونحوُه: "مررت بالمتحرِّك غيرِ الساكن، والقائِم غيرِ القاعد".

وأمّا "شَبِيهُكَ" فمعرفةٌ بما أُضيف إليه، وذلك لأنّه علي بناء فَعِيلٍ. و"فَعِيلٌ" بناءٌ موضوعٌ للمبالغة، فكأنّك قلت: "بالرجل الذي يُشْبِهك من جميعِ الجهات".

[فصل [نوعا الإضافة المفتوحة]]

قال صاحب الكتاب: "والأسماء المضافة إضافة معنوية على ضربين: لازمة للإضافة, وغير لازمة لها, فاللازمة على ضربين: ظروفٌ وغير ظروف, فالظروف نحو "فوق", و"تحت" و"أمام" و"قدام" و"خلف", و"وراء", و"تلقاء", و"تجاه" و"حذاء",و"حذة", و"عند" و"لدن" و"لدى" و"بين" و"وسط", و"سوى", و"مع", و"دون"".

* * *

قال الشارح: قد تقدّم أنّ الإضافة على ضربَيْن: لفظيّةٌ ومعنويّةٌ، فالمعنويّةٌ ما كان اللفظُ على الإضافة، والمعنى كذلك، نحو: "غلامُ زيد"، و"ثوبُ خَزّ"، واللفظيّةُ ما كان اللفظُ على الإضافة، والمعنى بخلافها، نحو "ضاربُ زيد غدًا"، فهذه إضافةٌ لفظيّةٌ لا غيرُ, لأنّ المعنى: "ضاربٌ زيدًا غدًا"، فما كان من الإضافة كذلك، فإنّها لا تقع لازمةً ألبتّةَ، لأنّها إنّما تضاف لضربٍ من التخفيف، والنيّةُ غيرُ الإضافة.

وما كان منها معنويًّا، فهو على ضربَيْن: يكون لازمًا، وغيرَ لازمٍ، وذلك أنّ من الأسماء ما يلزم الإضافةَ، ويغلِب عليها, ولا يكاد يُستعمل مُفرَدًا وذلك ظروفٌ وغير ظروف، فمن الظروف الجِهاتُ الستُّ، وهي "فَوْقَ"، و"تَحْتَ"، و"أَمَامَ"، و"قُدّامَ"، و"خَلْفَ"، و"وراءَ"، و"تِلْقاءَ"، و"تِجاهَ"، و"حِذاءَ"، و"حِذةَ". فهذه الظروفُ تلزم الإضافةَ، وإنّما لزمت الإضافةُ هذه الأشياءَ, لأنّها أُمورٌ نِسْبيّةٌ، فإنّ "فَوْقًا" يكون بالنسْبة إلى شيءٍ فَوْقًا، و"تحتًا" بالنسبة إلى شيءٍ آخرَ، وكذلك "أَمام" وسائرُها، فلزمتها الإضافة للتعريف وتحقيقِ الجهة.


(١) الفاتحة: ٦ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>