[فصل [إبدال الياء]]
قال صاحب الكتاب: والياء أبدلت من أختيها، ومن الهمزة، ومن أحد حرفي التضعيف، ومن النون والعين والعين والباء والسين والثاء. فإبدالها من الألف في نحو: "مفيتيح", و"مفاتيح", وهو مطردٌ, ومن الواو في نحو: "ميقاتٍ" و"عصىّ", و"غازٍ", و"غازيةٍ", و"أدلٍ", و"قيام" و"انقياد" و"حياض" و"سيد", و"لية" و"أغزيت", و"استغزيتُ", وهو مطرد, وفي نحو: "صبية" و"ثيرة" و"عليانٍ" و"ييجل"، وهو غير مطرد.
* * *
قال الشارح: إنّما كثُر إبدالُ الياء؛ لأنّه حرفٌ مجهورٌ، مخرجُه من وسط اللسان، فلمَّا توسّط مخرجُه الفمَ، وكان فيه من الخفّة ما ليس في غيره، كثُر إبدالُه كثرةً ليست لغيره.
وإبدالُها وقع على ضربين: مطردٌ وشاذٌ، فالمطرد إبدالُها من ثلاثة أحرف: الألف والواوِ والهمزةِ، فإبدالُها من الألف إذا انكسر ما قبلها، نحو قولك في تصغير "حِملاقٍ": "حُمَيلِيقٌ"، وفي تصغير "قِرْطاسٍ": "قُرَيطِيسٌ"، وفي تصغير "مِفتاح": "مُفَيتِيحٌ". وكذلك التكسير، نحو: "حَمالِيقُ"، و"قَراطِيسُ"، و"مَفاتِيحُ". ومن ذلك: "قاتلتُه قِيتالًا"، و"ضاربته ضِيرابًا". قُلبت الألف في ذلك كلّه لانكسار ما قبلها.
وإنّما وجب قلبُها ياء إذا انكسر ما قبلها, لضُعْفها بسَعَة مخرجها، فجرت مجرى المدّة المُشْبَعة عن حركةِ ما قبلها، فلم يجز أنّ تُخالِف حركةُ ما قبلها مخرجَها، بل ذلك ممتنعٌ مستحيلٌ.
وأمّا إبدالُها من الواو، فإذا سكنت وانكسر ما قبلها, ولم تكن مدّغمةً؛ نحو: "مِيقاتٍ"، و"مِيزانٍ"؛ لأنّه من "الوقت" و"الوزن". ومن ذلك "رِيحٌ"، و"دِيمَةٌ"؛ لأنّه من "الرَّوْح"، و"دَوَّمَت السحابةُ".
فأمّا "عُصِيٌّ"، و"حُقِيٌّ"، و"دُليٌّ"، ونحوها، فإنّ عَقْدَ ذلك أنّ كلّ جمع يكون على "فُعُولٍ" ولامه واوٌ، فإنّ اللام تنقلب ياءً، فيصير "عُصُويٌ"، فيجتمع الواو والياء، والأوّلُ ساكنٌ، فتُقْلَب الواو ياءً، وتُدّغم الواو في الياء على حدّ "طَيّ"، و"ليّ". والعلّةُ في ذلك قريبةٌ من حديث "رِداءٍ" و"كِساءٍ". وذلك أنّ الواو فيها طريقان:
أحدهما: أنّ الواو الأولى مَدّةٌ زائدةٌ، فلم يُعتدّ بها كما كانت الألفُ في "كساءٍ" كذلك، فصارت الواو التي هي لام الكلمة كأنّها وليت الضمّةَ، وصارت في التقدير "عُصُوٌ"، فقلبوا الواو ياء على حدّ قلبها في "أحْقٍ"، و"أَدْلٍ".