للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف المشترك

الادّغام

فصل [الادّغام الواجب والادّغام الجائز]

قال صاحب الكتاب: ثقل التقاء المتجانسين على ألسنتهم, فعمدوا بالادغام إلى ضرب من الخفة. والتقاؤهما على ثلاثة أضرب:

أحدها: أن يسكن الأول ويتحرك الثاني, فيجب الادّغامُ ضرورة, كقولك: "لم يَرُح حاتمٌ", و"لم أَقُل لك".

والثاني: أن يتحرك الأول ويسكن الثاني, فيمتنع الادّغام, كقولك: "ظَلِلْتُ", و"رسولُ الحَسَنِ". والثالث: أن يتحركا, وهو على ثلاثة أوجه: ما الادّغام فيه واجبٌ, وذلك أن يلتقيا في كلمة, وليس أحدهما للإلحاق, نحو: "رَدَّ, يَرُدَّ". ما هو جائزٌ, وذلك أن ينفصلا وما قبلهما متحرك أو مدة نحو: "أنعت تلك" والمال لزيد"، و"ثوب بكر"، أو يكونا في حكم الانفصال, نحو: "اقتتل", لأن تاء الافتعال لا يلزمها وقوع تاء بعدها فهي شبيهة بتاء "تلك".

* * *

قال الشارح: اعلم أن معنى الادّغام إدخال شيء في شيء، يقال: أدغمتُ اللِّجامُ في فَم الدابّة"، أي: أدخلتُه في فيها، وأدغمتُ الثياب في الوعاء: أدخلتها فيه، ومنه قولهمَ: "حمارٌ أَدّغَمُ"، وهو الذي يسمّيه العجم دَيْزَج، وذلك إذا لم تصدُق خُضرتُه ولا زُرقتُه، فكأنّهما لونان قد امتزجا.

والادّغامُ بالتشديد من ألفاظ البصريين، والإدْغام بالتخفيف من ألفاظ الكوفيين. ومعناه في الكلام أن تصل حرفًا ساكنًا بحرف مثله متحرِّكٍ من غير أن تفصل بينهما بحركة أو وقفٍ، فيصيران لشدّة اتّصالهما كحرف واحد، ترتفع اللسانُ عنهما رفعةً واحدةً شديدةً، فيصير الحرف الأوّل كالمستهلَك على حقيقة التداخل والادغام، وذلك نحو: "شَدَّ" و"مَدَّ" ونحوهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>