للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جذع بيتُك مبنيٌّ". والوجه النصب؛ لأنّه ليس موضعَ تكثير، وإنّما هو سؤالٌ واستفهامٌ عن عدة الجُذوع. والذين خفضوا فإنّما خفضوا بإضمارِ "مِنْ"، وحسُن حذفُها ها هنا؛ لأنّ "عَلَى" في أوّل الكلام صارت عوضًا منها (١)، كما حسُن حدفُ حرف القَسَم في قولهم: "لا ها الله لا أفعلُ"، و"اللهِ لتَفْعَلَنَّ"، حيث جعلوا هاء التنبيه وألفَ الاستفهام عوضًا من واو القسم، كذلك ها هنا. وتقول في الإضافة: "رِزدْقَ كم رجلًا أطلقتَ"؟ فـ "رزق" منصوب بأنّه مفعولُ "أطلقت" وهو مضاف إلى "كم والتقديرُ: أَرِزْقَ عشرين رجلًا أطلقت؟ ونحوه من العدد ممّا فيه نونٌ، أو تنوين مقدّرٌ، نحو: "خمسةَ عشرَ" وبابِه، وبإضافته إلى "كَمْ" سرى إليه الاستفهامُ، فصار مستفهمًا عنه. ألا تراك تقول: "من عندك؟ " ويكون الجوابُ "زيدٌ"، أو "عمرٌو"، أو"هندٌ" ونحو ذلك ممّا يعقل، ولو قلت: "غلامُ مَنْ عندك؟ " لم يكن الجوابُ إلا "غلامُ زيد"، أو"غلامُ عمرو"، فعلمتَ أنّ السؤال إنما وقع عن المضاف لا المضاف إليه، وتقول إذا كانت خبرًا: "رزقَ كم رجلٍ أطلقتُ" بخفضِ "رجل"، فيكون التكثيرُ للرزق دون العدد؟ فاعرفه.

[فصل [حذف مميز "كم" الاستفهامية]]

قال صاحب الكتاب: وقد يحذف المميز فيقال كم مالك؟ أي كم درهماً أو ديناراً مالك؟ وكم غلمانك؟ أي كم نفساً غلمانك؟ وكم درهمك؟ أي كم دانقاً درهمك، وكم عبد الله ماكث؟ أي كم يوماً أو شهراً، وكذلك كم سرت؟ وكم جاءك فلان؟ أي كم فرسخاً وكم مرة أو كم فرسخ وكم مرة.

* * *

قال الشارح: يجوز حذف المفسِّر مع "كَمْ"، كما كان لك أن تحذفه في العدد من نحو "عشرين" ونظائره، وتكتفى بدليلٍ عليه إمّا بتقدُّمِ ذكره، أو دليل حال، وذلك نحو: "كم مالُك؟ " والمراد: كم درهمًا، أو دينارًا مالُك؟ ولا يجوز في "مالُك" إلا الرفع على الابتداء، و"كَم" الخبرُ، أو"كم" المبتدأ و"مالك" الخبر. وجاز حذفُ المُمَيِّز للعلم بمكانه ووضوح أمره.

ولا يُحْسَن حذفُ المميز مع "كم" إلا إذا كانت استفهامًا، ولا يحسن مع الخبريّة, لأنّ الخبريّة مضافةٌ، وحذفُ المضاف إليه، وتَبْقِيَةُ المضاف قبيحٌ. ومثله: "كم غلمانُك؟ " والمعنى: كم غلامًا غلمانُك، أو نفسًا، ونحوهُما من التقديرات. وتقول: "كم درهمُك؟ " والمراد: كم دانَقًا، أو قِيراطًا؟ فالسؤال وقع عن أجزاء


(١) هذا الكلام للخليل في الكتاب ٢/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>