للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أصناف المشترك

[التقاء الساكنين]

فصل

قال صاحب الكتاب: تشترك فيه الأضرب الثلاثة, ومتى التقيا في الدرج على غير حدهما وحدهما أن يكون الأول حرف لين، والثاني مدغماً، في نحو دابة، وخويصة، وتمود الثوب، وقوله تعالى: {قل أتحاجونا} (١) , لم يخل أولهما من أن يكون مدة أو غير مدة. فإن كان مدة حذف كقولك: "لم يقل"، و"لم يبع"، و"لم يخف" و"يخشى القوم"، و"يغزو الجيش"، و"يرمي الغرض"، و"لم يضربا اليوم"، و"لم يضربوا الآن"، و"لم تضربي ابنك"، إلا ما شذ من قولهم: "آلحسن عندك؟ "، و"آيمن الله يمينك؟ "، وما حكي من قولهم: "حلقتا البطان".

* * *

قال الشارح: التقاء الساكنين ممّا يشترك فيه الأضرب الثلاثة: الاسم، والفعل، والحرف. فالاسمُ نحو قولك "مِنَ الرَّجُل"، "مُذُ اليَوْمُ"، فيمن رفع، و"زيدٌ الظَّرِيفُ"، والفعلُ نحو: {خُذِ الْعَفْوَ} (٢)، و"ارْدُدِ الجَيشَ"، والحرفُ نحو قولك: "هَلِ الرَّجُلُ في الدار"، و"قَدِ انْطَلَقَ خالدٌ"، ونظائرُه كثيرة، فلذلك ذكره في المشترك.

واعلم أنّ التقاء الساكنين لا يجوز، بل هو غيرُ ممكن، وذلك من قبل أنّ الحرف الساكن كالموقوف عليه، وما بعده كالمبدوء به، ومحالٌ الابتداء بساكن، فلذلك امتنع التقاؤهما.

وقوله: "في الدرج" تحرّزٌ من حال الوقف, لأنه في الوقف يجوز الجمع بين ساكنين، فيكون الوقفُ كالسادّ مسدَّ الحركة كقولك: "قام زَيْدْ"، و"هذا بَكْرْ" وإنّما سدّ الوقفُ مَسدَّ الحركة؛ لأن الوقف على الحرف يُمكِّن جَرْسَ ذلك الحرف ويُوَفِّرِ الصوت


(١) البقرة: ١٣٩. وهي قراءة الحسن والأعمش وابن محيصن.
انظر: البحر المحيط ١/ ٤١٢؛ وتفسير القرطبي ٢/ ١٤٥؛ والكشاف ١/ ٩٨.
(٢) الأعراف: ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>