للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"فَعْل"، فإذا أرادوا المرّة الواحدة، ألحقوه التاء، وجاؤوا به على "فَعْلَةَ"، قالوا: "ضربتُه ضَرْبَة"، و"قتلتُه قَتْلَة"، و"أتيتُه أتْيَة"، و"لقيتُه لَقيَةً"، وكذلك لو كان في المصدر زيادة، نحوُ "جلس جُلُوسًا"، و"قعد قُعُودًا"، فإنّك تُسقِط الزيادة إذا أردت المرّة الواحدة، وتأتي به على "فَعْلَةَ"، نحوِ: "جلس جَلْسَةً"، و"قعد قَعدَةً"؛ لأن الأصل "جَلْسٌ"، و"قَعْدٌ". وقولهم: "الجُلُوس"، و"الذهاب" ونحوهما ليست الزيادة فيه من الأصل, لأنّها لم تكن في الفعل، ولم تلزم الزيادةُ فيه لزومَها ما كانت موجودة في فعله، نحوَ: "الإفْعال" في باب "أفْعَلَ"، و"الاستفعال" في باب "استفعل"، فالضَّرْبُ والقَتْلُ ونحوهما جمع "فَعْلَةَ"، نحوِ: "تَمْرَةٍ"، و"تَمْرٍ"، و"نَخْلَةٍ"، و"نَخْلٍ"؛ لأن المصدر يدل على الجنس، كما أن "النخل" و"التمر" يدلان على الجنس، فـ"ضَرْبَةٌ" نظير "تمرةٍ"، و"ضَرْبٌ" نظير "تمرٍ".

وقد يزيدون التاء على المصدر المزيد فيه، فيريدون به المرّة الواحدة، قالوا: "أتيتُه إتْيانَةً"، و"لقيتُه لِقاءَةً"، جاؤوا به على المصدر المستعمل، كأنّهم نزلوا الزيادة غير اللازمة منزلةَ اللازمة، فكما يقولون: "أعْطَيْتُه إعْطاءَةً"، و"استغفرتُه استغفارةً"، كذلك قالوا: "أتيته إتيانةً"، و"لقيته لقاءةً".

"وهو فيما عداه على المصدر المستعمل"، يعني ما عدا الفعلَ الثلاثى المجرّدَ من الزيادة، والمرادُ أنّ ما كان من الفعل زائدًا على الثلاثة، فإنّ المرّة الواحدة تكون بزيادة الهاء على مصدره المستعمل، نحوِ قولك: "استغاث استغاثة"، و"أعْطاه إعْطاءةً"، و"كَسرَه تَكْسِيرَةً" يراد بذلك كله المرّة الواحدة، وسَواء ما كان زائدَا على الثلاثة بحروفِ كلّها أُصول، نحوُ: "الدَّحْرَجَة"، و"السَّرْهَفَة" أو بزيادة علي بنات الثلاثة، نحوِ: "أعطيتُه إعطاءةً"، و"انطَلَقَ انطِلاقةً".

فإن كان فيه هاءٌ، لم يُجتلب للمرة هاءٌ، واكتُفي بالهاء التي فيه عن هاء تجتلبها، وذلك قولك: "قاتلتُه مُقاتَلَةً"، ولا تقول في المرة: "قِتالَةً"؛ لأن أصل المصدر في "فَاعَلَ" "المُفاعَلَةُ" لا "الفِعال"؛ لأنّه على وزن "الدحْرَجَة"، ومثله "أقَلْتُه إقالَةً"، و"اسْتَعَنتُ به استعانةً".

ولو قيل- في قولك إذا قلت: "استعنتُ به استعانةً"، وأراد المصدر، ثم قال: "استعانةً" وأراد المرّة الواحدة- إنّ هذه التاء غير تلك التاء الأوُلى، كما أنّك إذا قلت: "يا مَنْصُ" في لغةِ من قال: "يا حارُ"، فإن الضمة فيه غير ضمة الصاد التي كانت فيه؛ لكان قولاً قويًا.

فصل [مصدر النوع]

قال صاحب الكتاب: وتقول في الضرب من الفعل هو حسن الطعمة والركبة,

<<  <  ج: ص:  >  >>