العلم، لم يجز عنده أن يكون نعتًا له، إنّما يكون بَدَلًا، أو عطفَ بيانٍ.
وأمّا أسماء الإشارة، فتوصَف ويوصف بها، فتوصف لِما فيها من الإبهام. ألا ترى أنّك إذا قلت:"هَذَا"، وأشرتَ إلى حاضرٍ، وكان هناك أنواعٌ من الأشخاص التي يجوز أن تقع الإشارةُ إلى كل واحد منها، فيُبهِم على المخاطب إلى أيّ الأنواع وقعتِ الإشارةُ، فتفتقِر حينئذٍ إلى الصفة للبيان. ويوصف بها؛ لأنّها في مذهب ما يوصف به من المشتقّات، نحو: الحاضر، والشاهد، والقريب، والبعيدِ، فإذا قلت:"ذَاكَ"، فتقديره: البعيدُ، أو المُتَنَحِّي، ونحو ذلك، ولا توصَف إلَّا باسمِ جنس؛ لأن الغرض من وَصْفها بيانُ نوع المشار إليه لا فصلُ المشار إليه من مشارِكٍ له بحالٍ من أحواله؛ لأنّ اسم الإشارة ثابتٌ لما وقع عليه، ثمّ شَارَكَه في ذلك الاسم غيرُه، فاحتاج إلى فصلٍ بينهما بالصفة.
وإنّما أُتي به وُصْلَةً إلى نَقْلِ الاسم من تعريفِ العَهْد إلى تعريف الحضور والإشارةِ. مثالُ ذلك أن يكون بحَضْرتك شخصان، فتُريد الإخبارَ عن أحدهما, ولا بدّ من تعريفه، وليس بينك وبين المخاطب فيه عَهْدٌ، فيدخل فيه الألف واللام، فَأُتِيَ باسم الإشارة وُصلةٌ إلى تعريفه ونَقْلِه من تعريف العهد إلى تعريف الحضور، فتقول:"هذا الرجلُ فَعَلَ، أو يفعلُ".
ونظيرُه دخولُ "أيّ" في النداء وصلةً إلى نداء ما فيه الألفُ واللام، ويجوز أن تتوصّل بـ "هذا" إلى نداء ما فيه الألفُ واللام، فتقول:"يا هذا الرجلُ"، كما تقول:"يا أيها الرجلُ". وقد يجوز أن لا تجعله وصلةً، فتقول:"يا هَذَا". فإذا جعلتَه وصلةً، لزمته الصفةُ. وإذا لم تجعله وصلةً، لم تلزمْه؛ فلذلك تقول:"هذا الرجلُ، والغلامُ"، ولا تقول:"الظريفُ"، ولا "العالمُ" إلَّا على إرادةِ حذفِ الموصوف، وإقامة الصفة مُقامَه، فيكون المرادُ الاسم لا الصفةَ.
ولا يجوز أن يُنعت المبهم بمضافٍ، لأنّك إذا قلت:"هذا الرجلُ"؛ فالرجلُ وما قبله اسمٌ واحدٌ للزومِ الصفة له؛ لأنّك إذا أَوْمَأْتَ إلى شيء، لزِمك البيانُ عن نوعِ الذي تقصِده، فالبيانُ كاللازم له. فلمّا كانت "هي" لا تضاف لأنَّها معرفةٌ بالإشارة، والمضافُ يُقدَّر بالنكرة، والمبهمُ ممّا لا يصحّ تنكيرُه, لأنّّ تعريفَ الإشارة لا يُفارِقه، فكما لا يصحّ إضافةُ الأوّل كذلك لا يصحّ إضافة الثاني؛ لأنّهما اسمٌ واحدٌ، ولذلك من المعنى لا يصحّ أن تفرُق الصفةَ، وتجمع الموصوفَ، فتقولَ:"مررت بهذَيْن الرجلِ والفرسِ"؛ لفَصْلك بين الصفة والموصوف بحرفِ عطف، بخلافِ غيره من الصفات، فإنّك تقول:"مررت برجلَيْن كريم، وفاضلٍ". ولا بدّ فيه من أن يكون على عدّةِ المجموع.
فأمّا ما عُرّف بالألف واللام، فيوصَف بشيئين: بمثله ممّا فيه الألفُ واللام، وبالمضاف إلى ما فيه الألفُ واللام، نحو قولك:"مررت بالرجل العاقِل"، و"هذا الرجلُ