للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويروى:

لسانَك هذا كي تغرّ وتخدعا

فـ "ما" على الرواية الأوُلى زائدةٌ، ولا شاهدَ فيه حينئذ. فـ "ما" من "كَيمَة" عند البصريين مجرورة، كما يكون ذلك في "عَمّه"، و"لِمَه"؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله إلَّا أن يكون حرف جرّ، والجارّ والمجرورُ في موضعِ منصوب بالفعل بعده.

والكوفيون يقولون: إن "كَي" من نواصب الأفعال، وليست حرف جر. ويقولون: "مَه" من "كَيمه" في موضع نصب بفعل محذوف نصبَ المصدر، وتقديره: كي تفعل ماذا. وفيه بُعْدٌ, لأن "ما" لَو كانت منصوبة، لكانت موصولة، ولو كانت موصولة، لم تُحذف ألفها؛ لأنّ ألف الموصولة لا تحذف إلَّا في موضع واحد، وهو قولهم: "ادعُ بمَ شئتَ"، أي: بالذي شئتَ، فحذفُ الألف يدلّ أنها ليست موصولة.

وقوله: "وما أرى هذا القولَ بعيدًا من الصواب" بعيد من الصواب. ومنهم من يجعل "كَي" ناصبة بنفسها بمنزلةِ "أنْ"، فاعرفه.


= والدرر ٤/ ٦٧؛ وشرح التصريح ٢/ ٣، ٢٣١؛ وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني ١/ ٥٠٨؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ١١؛ وخزانة الأدب ص ١٢٥؛ وجواهر الأدب ص ١٢٥؛ والجنى الداني ص ٢٦٢؛ ورصف المباني ص ٢١٧؛ وشرح الأشموني ٢/ ٢٨٣؛ وشرح التصريح ٢/ ٣٠؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٦٧؛ ومغني اللبيب ١/ ١٨٣؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥.
اللغة: المانح: المعطي، الواهب. تغرّ: تخدع.
المعنى: أتقدّم لكل الناس المدح والثناء بلسانك، وأنت في ذلك تغرّهم وتخدعهم. أي: هو يظهر عكس ما يخفي.
الإعراب: "فقالت": الفاء: بحسب ما قبلها، و"قالت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. "أكل": الهمزة: حرف استفهام، و"كلّ": مفعول به أول مقدّم لـ "مانحًا"، وهو مضاف. "الناس": مضاف إليه مجرور. "أصبحت": فعل ماضٍ ناقص، والتاء: ضمير متصل مبنيّ في محل رفع اسم "أصبح". "مانحًا": خبر "أصبح" منصوب. "لسانك": مفعول به ثانٍ لـ "مانحًا"، منصوب، وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل مبنيّ في محل جرّ بالإضافة. "كيما": حرف جرّ للتعليل، و"ما": حرف زائد. "أن": حرف نصب ومصدري. "تغرّ": فعل مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها في محل جر بـ "كي"، والجار والمجرور متعلّقان بـ "مانحًا". "وتخدعا": الواو: حرف عطف، و"تخدعا": فعل مضارع منصوب بـ "أن" مقدرة، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. والألف: للإطلاق، والمصدر المؤول من "أن" المقدرة والفعل معطوف على المصدر المؤول السابق.
وجملة "قالت ... ": بحسب ما قبلها. وجملة "أكل الناس أصبحت مانحًا ... ": في محل نصب مفعول به.
والشاهد فيه: ظهور "أن" المصدريّة بعد "كي"، وذلك دليل على أمرين: الأول أن "كي" دالَّة على التعليل، وليست حرفا مصدريًّا، والثاني: أنّ "كي" التعليليّة تقدَّر بعدها "أنْ" إذا لم تكن موجودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>