للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ وقف بالألف، وأجرى حال الوصل مجرى الوقف. وقد حمل بعضهم قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} (١) على إرادة نون التأكيد، والأصلُ، أَلْقِيَنْ: واحتجّ بأنّ الخطاب في ذلك لمالكٍ خازنِ النار.

فإن كان ما قبل هذه النون مضمومًا أو مكسورًا، نحو قولك: "هل تَضْرِبُنْ يا قومُ"، و"هل تَضْرِبِنْ يا امرأةُ"، فإن وقفتَ قلت: "هل تَضْرِبُونْ؟ " و"هل تَضْرِبِينْ؟ " وذلك أنّ حكم هذه النون حكمُ التنوين، فكما تُبْدِل من التنوين ألفًا في النصب، كذلك تُبْدِل من هذه النون ألفًا إذا انفتح ما قبلها، وكما يُحذف التنوين في الرفع والجرّ، كذلك تحذف هذه النون إذا انضمّ ما قبلها، أو انكسر. وإذا حذفت النون، عادت الواوُ التي هي ضميرُ الجماعة لزَوال الساكن من بعدها، وهي نونُ التأكيد، وتعود النون التي هي علامة الرفع أيضًا؛ لأنّها إنّما كانت سقطت لبناء الفعل عند اتّصال نون التأكيد به. فلمّا زال موجِبُ البناء، عاد الإعرابُ لزوال المانع منه، ووجودِ المقتضى له، وهو المضارعةُ، ثمّ عادت النون التي هي للرفع. وكان يونسُ (٢) يُبْدِل من النون الخفيفة إذا انضمّ ما قبلها واوًا، ومن المكسور ما قبلها ياء، قياسًا على المفتوحة، فيقول في "اخْشَوُنْ": "اخْشَوُو" وفي "اخْشَيِنْ": "اخْشَيِي". وهو على قياسِ من يبدل من التنوين في حال الرفع والجرّ. وسيبويه لا يجيز ذلك (٣). وقد تقدّم الكلام على أحكام التنوين, والفرقِ بين هذه النون والتنوين بما أغنى عن إعادته.


= المعنى: يا صاحبي هلا رأيت برقًا بلمعانه الأخاذ الذي بزغ من بين السحب الكثيفة في قبة السماء.
الإعراب: "أصاح": الهمزة حرف نداء للقريب، "صاح": منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للترخيم، والياء المحذوفة ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. "ترى": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنت. "برقًا": مفعول به منصوب بالفتحة. "أريك": فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة، والكاف: ضمير متصل في محلّ نصب مفعول به أوّل، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنا. "وميضه": مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة، والهاء: ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. "كلمح": جار ومجرور متعلقان بالفعل "أريك". "اليدين": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. "في حبي": جار ومجرور متعلقان بالفعل "أريك". "مكلّل": صفة مجرورة بالكسرة.
وجملة "أصاح": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "ترى برقًا": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "أريك وميضه": في محل نصب صفة برقًا.
وقد استشهد به الشارح للدلالة على أن الخطاب لواحد بدليل قوله: "أصاحِ".
(١) ق: ٢٤.
(٢) الكتاب ٣/ ٥٢٢.
(٣) الكتاب ٣/ ٥٢٢، وفيه: "وقولُ العرب على قول الخليل". وقول الخليل هو أنه إذا كان ما قبل النون الخفيفة مكسورًا أو مضمومًا، ثمّ وقفت عندها, لم تجعل مكانها ياءً ولا واوًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>