للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّما هو ضرورةُ سكون اللام، واللامُ قد تحرّكت، فوقع الاستغناء عنها. ويلزم من قال: "ألَحْمَرُ"، فيُثبِت الهمزة، أن يقول في "اسْأَلْ" إذا خُفّفت: "اِسَلْ"، ومن قال: "لَحْمَرُ" يلزمه أن يقول: "سَلْ"، إلّا أنّ الأكثر مع لام المعرفهَ إبقاء ألف الوصل، وحذفُها في غير ذلك, لأن هذه اللام موضوعة على السكون، لا تعتوِرها الحركةُ إلّا بسبب عارضٍ، فالسكونُ فيها أقوى.

وحكى الكسائي والفرّاء أنّ من العرب من يقلب الهمزة لامًا في مثل هذا، فيقول: "اللَّحْمَرُ" في "الأَحْمَر"، و"اللَّرْضُ" في "الأَرْض"، وكأنّ أهل اللغة نكبوا عن تحريك هذه اللام، فقلبوا الهمزة من جنس اللام، كما قالوا: "لَوٌّ" إذا جعلوا اسمًا، فيزيدون واوًا من جنس الواو.

فأمّا قراءة أبي عمرو {عَادلُّولَى} (١) بالادّغام والتشديد، فوَجْهُها أنّ الأصل (الأُوْلَى)، فخُفّفت الهمزة بأن أُلقيت حركتها على اللام، ثمّ حُذفت، واعتدّوا بالحركة على مذهبِ من قال: "لَحْمَرُ"، ثمّ ادُّغم التنوين في اللام.

وأمّا "مِن لان" فعلى المذهبَيْن، فإن قلت: "لَحْمَرُ"، واعتددتَ بالحركة، قلت: "مِنْ لانَ" بسكون النون في "مِنْ"؛ لأن ما بعدها متحرّكٌ. وعلى ذلك قُرىء: {قَالُوا لانَ} (٢)، بإثبات الواو؛ لأنّ اللام متحرّكة، فلم يلتق ساكنان. وإن قلت: "الَحْمَرُ"، بإثبات همزة الوصل، ولم تعتدّ بحركة اللام، وأجريتها مجرى الساكن؛ فإنّك تقول: "مِنَ لانَ"، بفتح النون لالتقاء الساكنين إجراءً لها مجرى الساكن، وتقول على ذلك: "مَلاَنَ" على حدّ قول الشاعر [من المنسرح]:

غيرَ الذي قد يقال مِلْكَذِبِ (٣)

فتحذف النون لالتقاء الساكنين إجراءَ لها مجرى حروف العلّة من قِبَل أنّ الساكن في الحكم كالساكن في اللفظ، فكما تُثْبِت همزة الوصل مع هذه اللام في "الَحْمَر" كإثباتها مع الساكن الصريح، كذلك تحذف الواو معها لالتقاء الساكنين. وتحرّك النون في "مِنَ لانَ" وتحذفها، والتحريكُ أكثرُ. وقد قُرىء {مِنَ لَرْضِ} (٤)، و {مِنَ لَّرْضِ} بالوجهين مع إلقاء حركة الهمزة على الساكن الذي هو اللام , فاعرفه.


(١) النجم: ٥٠، وقد تقدم منذ قليل.
(٢) البقرة: ٧١. وهي قراءة نافع.
انظر: البحر المحيط ١/ ٢٥٧؛ ومعجم القراءات القرآنية ١/ ٧٢.
(٣) تقدم بالرقم ١٠٨٥.
(٤) {من الأرض} [البقرة: ٢٦٧]؛ وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>