للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصناعيَّ بأن تُليَّن، وتُلْقَى حركتُها على الساكن قبلهما، وهو لامُ التعريف، فصار تقديرُه ألِلَاهُ بكسر اللام الأُولى، وفتحِ الثانية، فادّغموا اللامَ الأوُلى في الثانية بعد إسكانها، وفخّموها تعظيمًا. وقال بعضهم: حذفوا الهمزةَ حذفًا على غير وجهِ التلْيين، ثمّ خلفتْها الألفُ واللامُ. ومثلُ ذلك "أُناسٌ" حذفوا الهمزةَ، وصارت الألف واللام في "الناس" عوضا منها, ولذلك لا تجتمعان. فأمّا قولهم [من مجزوء الكامل]:

٢٠٥ - إن المنَايا يَطَّلِعْـ ... ـن على الأنُاس الآمِنِينَا

فمردودٌ لا يُعْرَف قائله، ويجوز أن يكون جمعًا بين العوض والمعوَّض منه ضرورةً، فلمّا كثُر استعمالُ اسم "الله" تعالى، وكانت الألفُ واللامُ فيه عوضًا من المحذوف، صارتا كحرفٍ من حروفه، وجاز نداؤُه وإن كانتا فيه.

وتشبيهُه لزومَ الألف واللام في اسم الله تعالى بلزومهما "النجمَ"، فذلك أنّك إذا قلت: "نَجْمٌ" كان لواحد من النجوم، فإذا عنيتَ نجمًا بعينه أدخلتَ الألفَ واللامَ، وقد غلب النجمُ على "الثُّرَيا" حتى إذا أُطلق لا ينصرف إلى غيره، وصار عَلَمَا بالغَلَبة كـ "الدَّبَران" و"العَيُّوق". ولا يجوز نزعُ الألف واللام منها, لأنها هي المعرِّفةُ في الحقيقة، فهما سِيّان من جهةِ اللزوم والغَلَبةِ، إلا أنّ الفرق بينهما أنّه إذا نزعتَ الألفَ واللامَ من "النجم"، تَنكَّر، والتنكيرُ في اسم "الله" تعالى مُحالٌ، وأمّا بيتُ الكتاب [من الوافر]:

من أجلك ... إلخ

فشاذٌّ قياسًا واستعمالاً، فأمّا القياس فلِما في نداءِ ما فيه الألفُ واللامُ على ما ذُكر، وأمّا الاستعمال فظاهرٌ لم يأتِ منه إلا ما ذُكر، وهو حرفٌ، أو حرفان. ووجهُ تشبيهه


٢٠٥ - التخريج: البيت لذي جدن الحميري في خزانة الأدب ٢/ ٢٨٠، ٢٨٢، ٢٨٥، ٢٨٨؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ٣١٢؛ والجنى الداني ص ٢٠٠؛ وجواهر الأدب ص ٣١٣؛ والخصائص ٣/ ١٥١؛ وشرح شواهد الشافعية ص ٢٩٦.
اللغة: المنايا: جمع منية، وهي الموت. يَطلعن: يشرفن، ويقربن.
المعنى: يريد أن الموت يأتي الإنسان المطمئن البال على حين غرة.
الإعراب: "إن": حرف مشبه بالفعل. "المنايا": اسم "إن" منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر. "يَطلِعْنَ": فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النّسوة، والنون: فاعل محله الرفع. "على الأناس": جار ومجرور متعلقان بالفعل "يطلعن". "الآمنينا": صفة لـ "الأناس" مجرورة مثله، وعلامه جرها الياء لأنه جمع مذكر سالم، والنون: عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والألف: للإطلاق.
وجملة "إِن المنايا يَطَّلعْن": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يَطَّلِعْنَ": خبر لـ "إِنَّ" محلها الرفع.
والشاهد فيه قوله: "الأناس" حيث جمع في هذه الكلمة بين "أل" التعريف وهمزة "أناس" للضرورة الثمعرية، وقد جعل بعضهم هذا الجمع جائزًا في النثر، ولكنه قليلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>