للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الكتاب: ومن العرب مَن يسكن العينَ، فيقول: "أحَدَ عْشَرَ" احتِراسًا من تَوالي المتحركاتِ في كلمة.

* * *

قال الشارح: من العرب من يقول: "أحدَ عْشَرَ, ثَلاثَةَ عْشَرَ"، فيُسكن العين، وذلك أنهم لما ركبوا الاسمَيْن اسمًا واحدًا، تَوالَى في "أحَدَ عَشَر" ست متحركات، وفي "ثلاثة عشر"، و"خمسة عشر" خمسُ متحرّكات، ولا يتوالى في كلمة أكثرُ من ثلاثِ حركات إلَّا أن يكون مخففا من غيره، فيجتمع فيه أربعُ متحركات، نحوُ: "عُلَبِط" (١) و"هُدَبِد" (٢)، وأصلُهما: "عُلابِطٌ" و"هُدابِدٌ"، فحُذفت الألف تخفيفًا. فلا يجتمع في كلمة أكثرُ من أربعِ متحركات، فلما اجتمع في "أحَدَ عَشَرَ" ست متحركات وفي "خَمْسَةَ عَشَرَ" خمسُ متحركات، أسكنوا الحرفَ الذي بتحريكه يكون الخروجُ عن منهاجِ الأسماء وطريقِها.

ومَن فعل ذلك من العرب، فإنه لا يفعله في "اثْنَيْ عَشَرَ"، لئلا يجمع بين ساكنَيْن، وليس في كلامهم جمع بين ساكنين إلا أن يكون الأول حرفَ مد ولِينٍ، والثاني مدّغَمًا، نحوَ: "دابة" و"شابة"، مع أن الياء في النصب، والألف في الرفع ساكنان، فلم يَتوالَ فيهما من التحركات ما تَوالَى في "أحد عشر" ونحوِه. وأيضًا فإن الإسكان في "أحد عشر" ونحوه إنما كان لتوالِي المتحرّكات في كلمة واحدة، لأجل التركيب وجعلهما كلمة واحدةً، وأما "اثني عشر" فغيرُ مركبة، فلم يكونا كلمة واحدةً، فاعرفه.

* * *

قال صاحب الكتاب: وحرفُ التعريف والإضافةُ لا يُخِلّان بالبناء، تقول: "الأحَدَ عَشرَ"، و"الحادِيَ عَشرَ" إلى "التسْعةَ عَشرَ"، و"التاسِعَ عَشرَ"، وهذه "أحَدَ عَشرَكَ"، و"تسعةَ عشرَكَ". وكان يَرَى الأخفشُ فيه الرفعَ إذا أضافه، وقد استرذله سيبويه (٣)، وإن سُمي رجل بـ "خَمْسةَ عَشَر"، كان فيه الرفعُ والإبقاءُ على الفتح.

* * *

قال الشارح: إذا أردتَ تعريفَ هذا العدد، أدخلتَ عليه الألفَ واللام أو الإضافةَ، وتركتَه علي بنائه؛ لأنّ الألف واللام والإضافة لا تُخْرِجانه عن لفظه وتركيبِه، فكان باقيًا علي بنائه، فلذلك تقول مع الألف واللام: "أخذتُ الخمسةَ عشرَ درهمًا"، وكذلك إلى


(١) الرجل العُلَبِط والعلابِط: الضخم العظيم. والصدر العُلَبِط: العريض. واللبن العُلَبِط: الرائب المُتكَبد الخاثر جدًا، وقيل: كل غليظ عُلَبِط والعُلَبِط والعُلابِط: القطيع من الغم. (لسان العرب ٧/ ٣٥٥ (علبط)).
(٢) الهُدَبدِ والهُدابد: اللَبَن الخاثر جدًّا، وهو أيضًا عَمَش يكون في العينين، وقيل: الهُدَبد: الخَفش، وقيل: هو ضعف البصر. ورجل هُدَبد: ضعيف البصر. (لسان العرب ٣/ ٤٣٥ (هدبد))
(٣) الكتاب ٣/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>