للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول: "نعم الرجلان أخواك"، و"نعم الرجال أخوتك"، و"نعمت المرأتان هند ودعد"، و"نعمت النساء بنات عمك".

* * *

قال الشارح: اعلم أن "نعم" و"بئس" إذا وَلِيَهما مؤنّثٌ، كنت مخيَّرًا في إلحاق علامة التأنيث بهما وتركِها، فتقول: "نعمتِ الجاريةُ هندٌ"، و"بئستِ الأمَةُ جاريتُك"، وإن شئت قلت: "نعم الجاريةُ هندٌ"، و"بئس الأمَةُ جاريتُك".

فإن قيل: فمن أين حسن إسقاطُ علامة التأنيث من "نعم" و"بئس" إذا وليهما مؤنّثٌ، ولم يحسن ذلك في غيرهما من الأفعال؟ قيل: أمّا مَن ألحق علامة التأنيث، فأمرُه ظاهرٌ، وهو الإيذان بأنّه مسند إلى مؤنّثٌ قبل الوصول إليه، كما يكون في سائر الأفعال كذلك، من نحوِ: "قامت هندٌ". ومن أسقطها، فعلّةُ ذلك أن الفاعل هنا جنس، والجنس مذكر. فإذا أُنّث، اعتُبر اللفظ، وإذا ذُكّر، حُمل على المعنى. وعلى هذا تقول: "هذه الدارُ نِعْمَتِ البَلَدُ"، فتؤنّث؛ لأنك تعني دارًا، فهو من العمل على المعنى. ومثله قولهم: "مَن كانت أُمَّك؟ " فتؤنّث ضميرَ "مَنْ"؛ لأنّه في المعنى الأُمُّ؛ فأمّا قوله [من البسيط]:

أو حرّة عيطل ... إلخ

فالشاهد فيه قوله: "نعمت زورقُ البلد" أنّث الفعل مع أنه مسندٌ إلى مذكّر، وهو "زورق البلد", لأنه يريد به الناقة، فأنّث على المعنى، كما أنّث مع "البلد" في قوله: "نعمت البلدُ" حين أراد به الدار. والحرّةُ: الكريمة، والعيطل: الطويلة العنق، وثَبْجاءُ: عظيمةُ السَّنام، والمجفرة: العظيمة الجنب، يُقال: "فرسٌ مجفرٌ"، و"ناقة مجفرةٌ" إذا كانت عريضة المَحْزِم، ودعائمُ الزَّوْر: قوائمها، وصفها بأنّها عظيمة القوائم، وكنى عن ذلك بدعائم الزور. والزورُ: أعلى الصدر. وانتصب "دعائم الزور" على التشبيه بالمفعول


= منصوب على التشبيه بالمفعول به للصفة المشبهة، وهو مضاف. "الزور": مضاف إليه. "نعمت": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث. "زورق": فاعل "نعم" مرفوع، وهو مضاف. "البلدِ": مضاف إليه مجرور.
وجملة "نعمت زورق البلد": استئنافية لا محل لها من الإعراب. والمخصوص بالمدح في الجملة محذوف، والتقدير: نعمت زورقُ البلد هذه الناقة. وفي إعراب المخصوص بالمدح وجوه: منها أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هي هذه الناقة، وهذه الجملة استئنافية لا محل لها من الإعراب؛ ومنها أنه مبتدأ مؤخر، وخبره جملة "نعمت زورق البلد"، وجملته على ذلك استئنافية لا محل لها من الإعراب؛ ومنها أنه بدل من "زورق البلد".
والشاهد فيه: أن "نعم" قد يؤنث لكون المخصوص بالمدح مؤنثًا، وان كان الفاعل مذكرًا، فقد أنث "نعم" مع أنه مسند إلى مذكر، وهو "زورق البلد" لأنه يريد الناقة كما لاحظنا، فأنّث على المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>