فتقول في الرفع "هذه عصًا ورحى يا فَتَى"؛ وفي الجرّ:"مررت بعصًا ورحى يا فتى"؛ وفي النصب:"رأيت عصًا ورحًى يا فتى".
والقصرُ: الحبسُ. ومنه قوله تعالى:{حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}(١) أي محبوسات، وإنّما لم يدخله شيء من حركات الإعراب, لأنّ في آخِره ألفًا؛ والألفُ لا تتحرّك بحركة، على ما تقدّم، فكان فيها مقدَّرًا؛ فإذا قلت: في الرفع: "هذه عصا"، ففي الألف ضمّةٌ منويّةٌ؛ وإذا قلت في النصب:"رأيت عصا"، ففي الألف فتحة منويّةٌ؛ وإذا قلت في الجرّ:"مررت بعصا"، ففي الألف كسرة منوية.
والمقصور على ضربَيْن: منصرفٌ، وغيرُ منصرف.
فالمنصرف: ما يدخله التنوينُ وحدَه؛ نحو:"عصا"، و"رحى". ثمّ يلتقي ساكنان الألفُ، التي هي لام الكلمة، والتنوينُ بعدها ساكنٌ، فيحذف لالتقاء الساكنين. وكانت الألف أوْلى بالحذف من التنوين لوجوه ثلاثة:
أحدُها: أن التنوين دخل لمعنًى، ويزول بزَوالِ ذلك المعنى، وليست الألف كذلك لأنّها لام الكلمة.
الثاني: أنّ الألف إذا حُذفت، بقي قبلها ما يدلّ على الألف المحذوفة، وهي الفتحة قبلها؛ وليس على حذف التنوين دليلٌ.
الثالثُ: أن الساكن الأول هو المانع من النطق بالثاني، فكان حذفه هو الوجه لإزالة المانع، فلذلك تقول:"هذا عصًا"، و"رأيت عصًا"، و"مررت بعصًا"، بالتنوين من غير ألف.
وغير المنصرف: ما كان في آخِره ألفُ التأنيث المفردةُ؛ نحو:"حُبْلَى" وَ"سَكْرَى". فهذا لا يدخله شيءٌ من الإعراب, لأنّ في آخِره ألفًا، والألفُ لا تقبل الحركةَ؛ ولا يدخله التنوين, لأنّه غير منصرف، لأجل التأنيث اللازم، فتقول:"هذه حُبْلَى وسَكْرَى"، و"رأيت حبَلى وسكرَى"، و"مررت بحبلَى وسكرَى"، فالألفُ ثابتةٌ على كلّ حال لا تُحْذَف، إلَّا إذا لقِيها ساكنٌ بعدها من كلمة أخرى، نحوَ:"حُبْلَى الْقَوْمِ" و"سَكْرَى ابْنِكَ". فاعرفه.
والمنقوص: كل اسم وقعت في آخره ياء قبلها كسرةٌ، نحو:"القاضِي"، و"الداعِي"، و"قاضٍ"، و"داع". فهذا يدخله النصبُ وحده مع التنوين، ولا يدخله رفعٌ، ولا جرٌّ. وإنّما سمّي منقوصًا لأنه نقص شيئَيْن: حركةً وحرفًا. فالحركةُ هي الضمّة، أو الكسرة حُذفت للثقل؛ والحرفُ هو الياء، حُذف لالتقاء الساكنين. فتقول في الرفع:"هذا قاضٍ، يا فَتَى"؛ وفي الجرّ:"مررت بقاضٍ، يا فتى". وكان الأصل:"هذا قاضِىٌ"، بضمّ الياء وتنوينها، و: "مررت