للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كان هذا هو القياسَ؛ لأنه قد قامت الدلالة على أنّه اسم، وليس القياس في الأسماء أن تتّصل بها علامةُ الضمير المرفوع، إنّما ذلك للأفعال. والذي يدلّ على خروجه عندهم عن حكم الأفعال مخالفتُهم مجراه في لغتهم؛ لأنّ لغتهم أن يقولوا للواحد: "الْمُمْ"، بإظهار التضعيف، نحوَ: "ارْدُدْ"، و"اشْدُدْ"، فلمّا ركّبوه مع غيره، وسمّوا به، خرج عن حكم الفعل، فلم تظهر فيه علامةُ تثنية ولا جمع.

والمذهب الثاني: وهو مذهب بني تميم، اعتبارُ الفعل، وهو"لم"، وتغليبُ جانبه، فيُثنون ويجمعون، نحوَ قولهم: "هلمّ يا رجلُ"، و"هلمَّا يا رجلان"، و"هَلُمُّوا يا رجالُ"، و"هَلُمي يا امرأةُ"، و"هَلْمُمْنَ يا نسوةُ". تفتح الهاء، وتُسكَّن اللام، وتضمّ الميم الأُولى، وتسكن الثانية، وتفتح النون مخفَّفة. هذا مذهبُ البصريين وأكثرِ الكوفيين، وإنما كان كذلك؛ لأن لام الكلمة تسكن عند اتصالِ هذه النون بها، إذ كانت ضميرَ مرفوع، كما تقول: " ضَرَبْنَ"، و"خَرَجْنَ".

وإذا سكن ما قبلها، بطل الادّغامُ، وصار بمنزلةِ "اشْدُدْ"، و"ارْدُدْ". وزعم الفرّاء أنّ الصواب أن يُقال: "هَلُمّنّ" بفتح الهاء، وضمّ اللام، وفتح الميم وتشديدها، وفتح النون أيضًا مشدّدة. قال: والذي أوجب ذلك أن هذه النون التي هي ضميرُ الجماعة لا تُوجد إلَّا وقبلها ساكنٌ، فزادوا نونًا ثانيةً قبلها ليقع السكونُ عليها، وتسلَمَ فتحةُ الميم في "هَلُمَّ"، فتكون وقاية لها من السكون، كما قالوا: "مِني"، و"عَنّي"، فزادوا نونًا ثانيةً لتسلم نونُ "مِنْ"، و"عَنْ" من الكسر، إذ كانت ياءُ المتكلّم أبدًا تَكْسِر ما قبلها. وحُكي أيضًا عن بعضهم: "هَلُمَّيْنَ يا نسوةُ" يُجعَل الزائد للوقاية ياء، وهذا شاذّ.

واعلم أن بني تميم، وإن كانوا يُجرونها مُجْرى الفعل، في اتّصال الضمير بها لشدّةِ شَبَهها بالفعل، وإفادتِها فائدةَ الفعل، فهي عندهم أيضًا اسمٌ للفعل، وليست مُبقّاةً على أصلها من الفعلية قبل التركيب والضمِّ. والذي يدل على ذلك أنّ بني تميم يختلفون في آخِر الأمر من المضاعف، فمنهم من يُتْبع، فيقول: "رُدُّ" بالضم، و"فِرِّ" بالكسر، و"عَضَّ" بالفتح. ومنهم من يكسر على كلِّ حال، فيقول: "رُدِّ"، و"فِرِّ"، و"عَضِّ". ومنهم من


= اللغة: هَلُمَ: أقبل، تعالَ.
المعنى: أيها الناسُ تعالَوا.
الإعراب: "يا": حرف نداء. "أيها": منادى مبني على الضم في محل نصب، و"ها": للتنبيه. "الناس": بدل من "أيُّ"، أو عطف بيان على "أيُّ" أيضا مبني على الضم في محل نصب. "ألا": حرف تنبيه لا محل له. "هَلُمه": اسم فعل أمر بمعنى "تعالوا" مبني على الفتح، وفاعله مستتر، تقديره "أنتم"، والهاء: للسكت لا محل لها من الإعراب.
جملة "يا أيها الناس": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "هَلُمَّه": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "هَلُمَّه" حيث أفرد مع "الناس" وهم جمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>