للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو مبني على الكسر. وإنّما بُني لوقوعه موقعَ ما أصلُه البناء، وهو فعلُ الأمر؛ لأنّهم يريدون به الدعاء، والدعاءُ حقُّه أن يكون على لفظ الأمر. وما جاء منه بلفظ الخبر نحو "رَحِمَهُ اللهُ"، و"سَلمَهُ اللهُ"، فتوسُّع ومبالغةٌ على معنى حصول ذلك واستقراره، والمرادُ: لِيَفْدِكَ، وهو في البناء كـ"نَزالِ" و"مَناعِ"، وكُسر لالتقاء الساكنين، على أصلِ ما يقتضيه التقاء الساكنين. والتنوينُ فيه للتنكير على نحوه في "إيه"، ولم يُسمع عنهم إلَّا منوّنا، وذلك لأنّه ليس له متعلقٌ يحتمل التعريفَ كما لنظائره فيما ذكرنا، فيجري مجرى ما وقع موقعَه من الفعل. ويُروى: "فداءٌ لك" بالرفع، و"فِدى لك"، بالقصر. أمّا وجهُ الرفع، فعلى أنّه خبر مقدم على المبتدأ، وهو فلانٌ. وأما القصرُ، فيحتمل أمرَيْن: أحدهما أن يكون في موضع رفع، كما قالوا: "فداءٌ لك"، فرفعوا، ويجوز أن يكون في موضع بناء إلَّا أنه ثبتت الألفُ، وإن كان في موضع سكون؛ لأن الألف الواقعة قبل الممدود لا تقع قبل المقصور، لكنّه ثبتت فيه الألفُ كما ثبتت في "مَتَى"، وليست الألفُ في "فدى لك" على هذا كالتي في "عَلا" من قوله [من الرجز]:

٥٩٨ - فَهْيَ تَنُوشُ الحَوْضَ نَوْشًا مِن عَلا


= "لا": ناهية جازمة. "تُهاله": فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بـ "لا" الناهية الجازمة، وكان يجب أن يقول: ولا تُهَله، بسكون اللام، وحذف الألف لالتقاء الساكنين ولكن أثبت الألف، وفتح اللام على أحد وجهين: أولهما أنه أراد نون التوكيد الخفيفة ثم حذفها، فيكون فتح اللام علامة بناء ويكون الفعل مبنيا على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، ومحله الجزم، وثاني الوجهين هو أن يكون تخلص من التقاء الساكنين الناجم عن اجتماع الألف، وسكون الجزم بتحريك الساكن الثاني بالفتح، لا بحذف الساكن الأول، وهذا لا شك شاذ، واستحبَّ الفتحة في التحريك لمناسبتها الألف، ولأنها الحركة الخفيفة المستحبة، والهاء الثانية في (تهالَه) هي هاء السكت، ونائب الفاعل مستتر وجوبا تقديره: أنت.
وجملة "إيها": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "فداء لك": اعتراضية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يا فَضالة": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وكذلك جملة "أجره"، وعطف عليها جملة "لا تهالَه".
والشاهد فيه قوله: "فداء لك" حيث جعله مبنيا على الكسر في محلّ رفع.
٥٩٨ - التخريج: الرجز لغيلان بن حريث في خزانة الأدب ٩/ ٤٣٧، ٤٣٨؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٧٧؛ ولسان العرب ٦/ ٣٦٢ (نوش)؛ ولأبي النجم العجلي في لسان العرب ١٥/ ٨٤ (علا)؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٥٠٣؛ وأسرار العربية ص ١٠٣؛ والأشباه والنظائر ٨/ ١٢٤؛ وإصلاح المنطق ص ٤٣٢؛ وخزانة الأدب ١٠/ ١٦٥؛ ورصف المباني ص ٣٧١؛ ومجالس ثعلب ٢/ ٦٥٦؛ والمنصف ١/ ١٢٤.
اللغة: النوش: التناول.
المعنى: وصف إبلا وردت ماء الحوض، فتناولته تناولًا من فوق مستغنية بذلك عن المبالغة فيه، يسقيها أهلها على قدر المسافة التي ينوُونَ قطعها.
الإعراب: "فهيَ": الفاء: بحسب ما قبلها، "هي": ضمير مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. "تنوشُ": فعل مضارع مرفوع، وفاعله مستتر جوازا تقديره: هي. "الحوضَ": مفعول به. "نوشا": مفعول مطلق منصوب. "من علا": جار ومجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (تنوش). =

<<  <  ج: ص:  >  >>