للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل أسمائهم إمّا مفردٌ كـ"زيد"، وإمّا مضافٌ كـ"عبد الله"، و"امرئ القيس"، و"أبي بكرٍ"، و"أُمّ جَعْفَرٍ". وليس في كلامهم اسمان مفردان لمسمًّى واحدٍ يُستعمل كلّ واحد منهما مفردًا. فلو جمعوا بين الاسم واللقب مفردَيْن، لا على سبيل الإضافة، لخَرجوا عن منهاج استعمالهم، ولم يكن له نظيرٌ؛ فأضافوا العَلَم إلى اللقب ليجروا على عادتهم في ذلك، ويكون له نظيرٌ في كلامهم، نحو: "عبد الله"، وشِبهِه. فإذا أضفت الاسم إلى اللقب، صار كالاسم الواحد، وسُلب ما فيه من تعريف العلميّة، كما إذا أضفته إلى غير اللقب، نحو: "زيدكم"، فصار التعريفُ بالإضافة.

وجُعلت الألقاب معارف، لأنّها قد جرت مجرى الأعلام، وخرجت عن التعريف الذي كان لها بالألف واللام قبل التلقيب؛ كما أنّا إذا قلنا: "الشمس"، كان معرفةً بالألف واللام، وإذا قلنا: "عَبْدُ شَمْس"، كان من قبيل الأعلام.

فإن قيل كيف جازت إضافة الاسم إلى اللقب، وهما كشيء واحد؟ وهل هو إلَّا إضافة الشيء إلى نفسه؟ فالجوابُ أن العلم إذا أُضيف إلى اللقب، وابتزّوا ما فيه من تعريف العلميّة، صار للمسمّى لا غير؛ والمسمّى يضاف إلى الاسم، نحو: "ذاتَ مرّةٍ"، و"ذا صباح"، ونحو قوله [من الطويل]:

٥٣ - إِلَيْكُمْ ذَوِي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَتْ ... [نوازعُ منْ قلبي ظِماءٌ وألْبُبُ]

والإضافة على هذا حقيقيةٌ بمعنى لام المِلْك والاختصاص، فقولك: "قيسُ قُفَّةَ" أي: المختصّ بهذا اللقب، أو كأن هذه اللفظةَ ملَكتِ اللقبَ.


٥٣ - التخريج: البيت لكميت بن زيد في خزانة الأدب ٤/ ٣٠٧، ٣٠٨، ٣٠٩؛ والخصائص ٣/ ٢٧؛ ولسان العرب ١/ ١١٦ (ظمأ)، ٧٣٠ (لبب)، ١٥/ ٣٢٢ (نسا)، ٤٥٧ (ذو)، ٤٦١ (ذا)؛ والمحتسب ١/ ٣٤٧؛ والمقاصد النحوية ٣/ ١١٢؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص١٣٦؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٥٠٦.
اللغة: آل النبي: أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -. تَطَلَّعَت: تَشَوّفت. نَوازع: جمع نازعة من نزعتِ النفسُ إلى الشيء، أي: اشتاقت إليه. الظَّماء: العطاش. أَلْبُبُ: جمع لُبٍّ، وهو العقل.
المعنى: لقد تشوفت إلى لقائكم يا أهل بيت النبي مدفوعًا إلى ذلك برغبة جامحة.
الإعراب: "إليكم": جار ومجرور متعلقان بالفعل "تَطَلّعَت"."ذوي": منادى مضاف منصوب، وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. "آلِ": مضاف إليه مجرور. "النبيّ" ": مضات إليه مجرور بالكسرة. "تَطَلّعتْ": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث لا محل لها. "نوازع": فاعل مرفوع بالضمة. "من قلبي": جار ومجرور متعلقان بصفة لـ"نَوَازع". "ظِمَاءُ": صفة لـ"نوازع" مرفوعة مثله. "وألببُ": الواو: حرف عطف، "ألبب". اسم معطوف على "نوازع " مرفوع مثله. جملة "تطلعت نوازع": ابتدائية لا محل لها. وجملة "ذوي آل النبي": اعتراضية لا محل لها.
والشاهد فيه: أنَّ إضافة "ذوي آل النبي" من إضافة المُسمَّى إلى الاسم، أي: يا أصحاب هذا الاسم، وأراد بذلك الردَّ على من زعم أن "ذا" في مثل هذا الاستعمال زائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>