للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وباقي الأمثلة تُجمع في القلّة على "أفْعالٍ"، نحو: "أفراسٍ"، و"أكْتافٍ"، "أعْضادٍ"، و"أجبالٍ"، و"أعْنابٍ"، و"آطالٍ"، و"أبْرادٍ"، و"أعْناقٍ"، وجمعُها الكثير "فِعالٌ" و"فُعُولٌ"، نحوُ: "جَمَلٍ"، و"جِمالٍ"، و"بُرْد"، و"بُرُود"، ما خلا "فُعَلًا"، فإنّ بابه أن يُجمع على "فِعْلانَ"، نحوِ: "صُرَدٍ"، و"صِرْدانٍ"، و"جُرَذٍ"، و"جِرْذانٍ" يستوي فيه القليلُ والكثيرُ، وأصلُه الكثرة، والقلّةُ داخلةٌ عليه، ويُفرَق بينهما بقرِينة.

فإن قيل: ولِمَ اختصّ جمعُ القلة بـ"أفعُلَ"، و"أفْعالٍ"؟ فالجواب أنّه لما كان بين جمع القلّة والواحد من المشابهة، ما تقدّم ذكرُه من كونِ صيغته مستأنفةً له، ويجري عليه كثيرٌ من أحكام المفرد، من نحوٍ عود الضمير مفردًا إليه، كقوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} (١)، وجوازِ تصغيره على لفظه، ووصفِ المفرد به من نحوِ: "بُرْمَةٍ أعشارٍ"، و"ثَوْبٍ أسْمالٍ"؛ اختاروا هذَيْن البناءَيْن؛ لأنّهما لا يكاد يُوجَد لهما نظيرٌ في الآحاد، ليُعلَم أنّهما للجمع، ولا يقع فيهما التباسٌ بالواحد.

فإن قيل: ولِمَ اختصّ "أفْعُلُ" بـ"فَعْلٍ" ساكنَ العين مفتوحَ الفاء؟ قيل: لخفّته وكثرةٍ استعماله؛ اختاروا له أخفَّ اللفظَيْن وأقلَّهما حروفًا؛ لأنّ بنية الجمع على حسب واحده، فإذا كان الواحد خفيفًا قليلَ الحروف، قلّت حروفُ جمعه وحركاتُه اللاحقةُ لتكسيره، وإذا ثقُل الواحد، وكثُرت حروفه، كثُر ما يلحق جمعَه لِما ذكرناه من أن الجمع يكون بزيادةٍ على الواحد.

فإن قيل: ولِمَ اختصّ "فُعَلٌ" مضمومَ الفاء مفتوحَ العين بِـ"فِعْلان"، نحوِ: "نُغَرٍ"، و"نِغْرانٍ"، و"جُرَدٍ" و"جِرْذانٍ"؟ قيل: لوجهَيْن:

أحدُهما: أنّ هذا البناء لمّا اختصّ بضرب من المسمَّيات، وهو الحَيَوانُ، ولزِمه، فلم يفارقه إلى غيره، ولم يكن غيرُه من الأسماء كذلك، فإنّها لا تلزم مسمّى خصّوه بهذا


= في محلّ رفع اسم "كان". "إذا": ظرف يتضمّن معنى الشرط متعلق بالفعل: "كسرت". "غمزتُ": فعل ماضٍ، والتاء: ضمير في محلّ رفع فاعل. "قناة": مفعول به منصوب، وهو مضاف. "قوم": مضاف إليه مجرور. "كسرت": فعل ماض، والتاء: ضمير في محل رفع فاعل. "كعوبها": مفعول به منصوب وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جرّ بالإضافة. "أو": حرف عطف بمعنى "إلّا"ينصب بـ"أن" مضمرة. "تستقيما": فعل مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة، والألف: للإطلاق. والفاعل: هي.
والمصدر المؤول من "أنْ" وما بعدها معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. والتقدير: "كسرٌ أو استقامةٌ".
وجملة "كنت" الفعليّة: لا محلّ لها من الإعراب لأنها استئنافية، أو معطوفة على جملة سابقة. وجملة "غمزت قناة قوم" الفعليّة: في محل جرّ بالإضافة. وجملة "كسرت كعوبها": لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب شرط غير جازم. وجملة "إذا غمزت قناة قوم وكسرت كعوبها" جملة الشرط وجوابه: في محلّ نصب خبر "كان". وجملة "تستقيما": صلة الموصول الحرفي لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "كعوبها" حيث جمع "كعب" على "كعوب" لا على "كِعاب".
(١) النحل: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>