للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"عِشاشٌ"، و"أعْشاشٌ"، وقالوا: "عُشُوشٌ" أيضًا قال رؤبة [من الرجز]:

لِصِبْيَةٍ كَأَفْراخِ العشوش (١)

وقالوا في المعتل: مدى و"أمْداء"، ولم يتجاوزوه لقلّته وقد كسروه أيضًا على "فِعَلَة". قالوا: "جُحْرٌ"، و"أجْحارٌ"، و"جِحَرَةٌ"، و"قُلْبٌ"، و"أقْلابٌ"، و"قِلَبَةٌ"، وقالوا: "خُرْجٌ"، و"خَرَجَةٌ"، ولم يقولوا: "أخْراجٌ"، وقالوا: "رُكْنٌ"، و"أرْكانٌ"، و"جُزْءٌ"، و"أجْزاءٌ"، ولم يجاوزوه كما لم يجاوزوا "خِرَجَة".

وقد كسّروا حرفًا منه على "فُعْلٍ" كما كسّروا عليه "فَعَلٌ" بفتح العين، قالوا: "الفُلْكُ" للواحد والجمع. قال الله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (٢)، وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} (٣)، فَجَعَلَه جمعًا كأنّهم حملوا "فُعْلاً" على "فَعَلٍ"؛ لأنّ "فُعْلًا" يكون جمعًا لـ"فَعَلٍ"، نحوَ: "أسَدٍ"، و"أُسْدٍ".

و"فُعْلٌ"، و"فَعَلٌ" قد يشتركان في "أفْعالٍ". نحوِ: "صُلْبٍ"، و"أصْلابٍ"، و"أسَدٍ"، و"آسادٍ"، فشُورك بينهما في هذا الضرب من الجمع، فـ "الفلْكُ" إذا أُريد به الواحدُ، فبمنزلة "قُفْلٍ"، وإذا أُريد به الجمعُ، فهو بمنزلة "أسْدٍ". وكثُر توسُّعُهم في هذا البناء لكثرته في كلامهم، فهو في الكثرة قريبٌ من كثرة "فَلْسٍ" و"كَعْبٍ".

وأمّا "فُعَلٌ" بضمّ الفاء، وفتح العين نحوُ "صُرَدٍ"، و"صِرْدانٍ"، و"جُرَذٍ"،

و"جِرْذانٍ"، فقد تقدّم ذكرُه، وقد شَذَّ منه: "رُبَعٌ" و"أرْباعٌ"، و"الرُّبَعُ" من الإبل: ما نُتج في الربيع، و"رُطَبٌ" و"أرْطابٌ"، وإنّما قالوا ذلك, لأنّ "الرُّبَع" جَمَلٌ، فجمعوه جمعَه، و"الرُّطَبُ" ثَمَرٌ، فكسّروه تكسيرَه مع أنّه ليس بواحدٍ، وإنّما هو جمعُ "رُطَبَةٍ".

وأمّا "فُعُلٌ" بضمّ الفاء والعين نحوُ: "عُنُقٍ" و"طُنُبٍ" و"أُذُنٍ"، فهو قليل كـ"فِعَلٍ"، نحوِ: ضِلَع. قالوا فيه: "عُنُقٌ"، و"أعْناقٌ"، و"أُذُنٌ"، و"آذانٌ"، فلم يجاوزوه إلى غيره لقلّته، كما لم يجاوزوا "إبِلًا" و"آبالًا" وبابَه فاعرفه. فجميعُ أبنية جموع الثلاثيّ عشرةٌ على ما ذكرنا، منها خمسةُ أبنية مَقيسةٍ مطّرِدةٍ، وهي "أفْعُلُ"، و"أفْعالٌ" و"فُعُولٌ"، و"فِعالٌ"، و"فِعْلانُ". فأمّا "أفْعُلُ" و"أفْعالٌ" فبناءان للقليل، وأمّا "فُعُولٌ" و"فِعالٌ" فأخوان، وهما للكثير، و"فُعُولَةُ" و"فِعالَةُ" مؤنَّثاهما يجريان مجراهما، وليس "أفْعُل" و"أفْعَالٌ" أخوَيْنِ؛ لأنّ ما يجيء فيه "فُعُولٌ" يجيء فيه "فِعَالٌ" بعينه، وليس كذلك "أفْعُل" و"أفْعالٌ"، وباقي الأمثلة شاذّةٌ من جهة الاستعمال، وبعضُها أكثرُ من بعض.

وقوله: "فأفْعالٌ أعَمُّها"، يريد: أعمّها استعمالًا؛ لأنه ورد في الأبنية العشرة، وهو شاذّ في بناءَيْن منها، وذلك قولهم: "أفْراخٌ" و"أرْآدٌ"، و"أرْباعٌ" و"أرْطابٌ"، مطّردٌ في الباقي.


(١) تقدم بالرقم ٧١١.
(٢) الشعراء: ١١٩.
(٣) يونس: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>