للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه كنوا الضربة بالرِّجْل على مؤخِّر الإنسان بـ "أمّ كيسان"، والمبرة بـ "برَّة" والفجرة بـ "فجار"، والكليّة بـ "زوبر". قال [من الطويل]:

٦٦ - [وإن قال غاوٍ من تنوخ قصيدةً ... بها جربٌ] عُدَّت علي بزوبَرَا

وقالوا في الأوقات::لقيتهُ غُدوةَ, وبكرةَ, وسحر, وفينة" وقالوا في الأعداد "ستةُ ضعفُ ثلاثة" و"أربعة نصف ثمانيةَ"".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّهم قد علّقوا الأعلام على المعاني أيضًا، كما علّقوها على الأعيان. إلّا أن تعليقها على المعاني أقلُّ، وذلك لأنّ الغرض منها التعريفُ، والأعيانُ أقعدُ في التعريف من المعاني؛ وذلك لأنّ العِيان يتناولها لظهورها له، وليس كذلك المعاني، لانّها تثبت بالنظر والاستدلال، وفرقٌ ما بين علم الضرورة بالمشاهدة وبين علم الاستدلال بيّنٌ.

فمن ذلك قولهم: "سُبْحانَ" هو عَلَمٌ عندنا واقعٌ على معنى التسبيح، وهو مصدرٌ معناه البَراءة والتَّنْزيه، وليس منه فعلٌ، وإنما هو واقعٌ موقعَ التسبيح الذي هو المصدرُ في الحقيقة، جُعل عَلَمًا على هذا المعنى، فهو معرفةٌ لذلك، ولا ينصرف للتعريف وزيادة الألف والنون. قال الأعشى [من السريع]:

٦٧ - أقولُ لمّا جاءني فَخْرُهُ ... سُبْحَانَ مِن عَلْقَمَةَ الفاخِر


٦٦ - التخريج: البيت لابن أحمر في ديوانه ص ٨٥؛ والاشتقاق ص ٤٨؛ وسمط اللآلي ص ٥٥٤؛ ولسان العرب ٤/ ٣١٧ (زبر)؛ والمعاني الكبير ص٨١٠، ١١٧٨؛ وللطرماح في ملحق ديوانه ص ٥٧٤؛ وللفرزدق في ديوانه ١/ ٢٠٦، ٢٩٦؛ والإنصاف ٢/ ٤٩٥؛ ولسان العرب ١٠/ ٥١ (حقق)؛ وللفرزدق أو لابن أحمر في خزانة الأدب ١/ ١٤٨؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١/ ٣٣٧؛ والخصائص ٢/ ١٩٨، ٣/ ٣٢.
"وإن": الواو بحسب ما قبلها، و"إن" حرف شرط جازم.
الإعراب: "قال": فعل ماضٍ. "غاوٍ": فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة. "من تنوخ": "من": حرف جر، "تنوخ": اسم مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف، والجار والمجرور متعلقان بصفة محذوفة لـ"غاوٍ". "قصيدة": مفعول به منصوب بالفتحة. "بها": جار ومجرور متعلقان بالخبر المقدم المحذوف. "جرب": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. "عُدَّت": فعل ماضٍ مبني للمجهول، والتاء: للتأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي "عليَّ": جار ومجرور متعلقان بالفعل "عدت". "بزوبرا": جار ومجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة، لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، والألف: للإطلاق.
وجملة الشرط بحسب الواو، وجواب الشرط في البيت الذي بعده. وجملة "جرب بها": في محل نصب صفة أولى لـ "قصيدة". وجملة "عدت": في محل نصب صفة ثانية.
والشاهد فيه قوله: "بزوبرا" حيث كنّى الكُلِّيَّة بـ "زوبر".
٦٧ - التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص ١٩٣؛ وأساس البلاغة (سبح)؛ والأشباه والنظائر ٢/ ١٠٩؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>