للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"أيد" و"دُليٌّ" و"دميٌّ". وقالوا: "نحو" و"قنوٌّ". والقلب أكثر. وقد يكسر الصدر, فيقال: "دليٌّ" و"نحيٌّ", وقولهم: "قسيٌّ", كأنه جمع "قسوٍ" في التقدير.

* * *

قال الشارح: أمّا ما كان معتل اللام من نحو: "دَلْوٍ"، و"حَقْوٍ"، و"جَرْوٍ"، فإنّه يجمع في أدنى العدد على القياس، فيقال: "أدْلٍ"، و"أحْق"، و"أجْرٍ". والأصلُ: "أدْلُوٌ"، و"أحْقُوٌ"، فوقعت الواو طرفًا، وقبلها ضمّةٌ، وليس من الأسماء المتمكنة ما هو بهذه الصفة، فكرهوا المَصِيرَ إلى بناء لا نظيرَ له، فأبدلوا من الضمّة كسرة، ثمّ قلبوا الواو ياء، لتطرُّفها ووقوعِ الكسرة قبلها، فصار من قبيلِ المنقوص، كـ"قاضٍ"، و"غازٍ". قال الشاعر [من البسيط]:

لَيْثٌ هِزَبْرٌ مُدِلٌّ عند خِيسَتِهِ ... بالرَّقْمَتَيْن له أجْرٍ وأعْراسُ (١)

ومثله "قَلَنْسُوَةٌ"، و"قَلَنْسٍ"، و"قَمَحْدُوَةٌ"، و"قَمَحْدٍ". لمّا حُذفت التاء للفرق بين الجمع والواحد، صارت الواو طرفًا، وقبلها ضمّةٌ، فعُمل فيها ما تقدّم، وجُمع في الكثير على "فِعالٍ"، و"فُعُولٍ". وقالوا: "دُلِيٌّ"، و"دُمِيٌّ"، و"دِماءٌ"، والأصل: " دُمُويٌ"، و"دُلُووٌ"، فحوَّلوه إلى "دُلِيٍّ"، و"دُمِيٍّ"، ومثله "عُصِيٌّ" في جمع "عَصًا". والعلّةُ في تحويله إلى ذلك اجتماعُ أمرَيْن:

أحدُهما: كونُ الكلمة جمعًا، والجمعُ أثقل من الواحد.

والثاني: أنّ الواو الأوُلى مدّةٌ زائدةٌ لم يُعتدّ بها فاصلةً، فصارت الواو التي هي لامُ الكلمة كأنّها وَلِيَت الضمّةَ، وصار في التقدير "عُصُوٌ" و"دُلُوٌ"، فقُلبت الواو ياءً على حد قلبها في "أدْلٍ"، و"أحْقٍ"، ثمّ اجتمعت هذه الياء المنقلبة عن الواو مع الواو التي قبلها للجمع وهي ساكنةٌ، فقُلبت الواو ياءً، وادّغمت في الياء الثانية على حد: "طَوَيْتُه طَيًّا"، و"لَوَيْتُه لَيًّا". ومنهم مَنْ يُتْبع ذلك ضمّة الفاء فيكسرها، ليكون العملُ من وجه واحد، فيقول: "دَلِيٌّ"، و"عِصِيٌّ". ومنهم من يُبْقيها على حالها مضمومةً، ويقول: "دُلِيٌّ"، و"عُصِيٌّ".

فأمّا "دُمِيٌّ"، فاللامُ ياءٌ من غيرِ قلب، فاجتمعت مع الواو قبلها ساكنة، فقُلبت ياء، وأُدُّغمت كما فُعل بـ"عِصِيّ" و"دِلِيّ"، ولو كان مثلُ "عُصُوٍّ"، و"دُلُوٍّ" اسمًا واحدًا، لا جمعًا؛ لم يجبْ فيه القلبُ لخفّته، ألا تراك تقول: "مَغْزُوٌّ"، و"مَدْعُوٌّ"، و"عُتُوٌّ". و"عُتُوٌّ": مصدر "عَتا يَعْتُو". هذا هو الوجه المختار، ويجوز القلب في الواحد، فيقال: "مَغْزِيٌّ"، و"مَدْعِيٌّ". قال الشاعر [من الطويل]:

٧٣٥ - وقد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أنَّنِي ... أنا اللَّيثُ مَعْدِيًّا عليه وعادِيا


(١) تقدّم بالرقم ٦٦٧.
٧٣٥ - التخريج: البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في خزانة الأدب ٢/ ١٠١؛ وسرّ صناعة الإعراب=

<<  <  ج: ص:  >  >>