قال الشارح: اعلم أنّ "فَعِيلًا" إذا كان بمعنى "مَفْعُولٍ"، فإنه يجري مجرى "فَعُولٍ"، فلا تدخله الهاءُ في المؤنث، ويكون لفظُ المذكُر والمؤنث فيه سواءً، كما كان كذلك في "فَعُولٍ". وبابُه أن يُكسر على "فَعْلَى" كما ذكر، نحوَ:"جَرِيح"، و"جَرْحَى"، و"قَتِيلٍ"، و"قَتْلَى"، و"لَدِيغ"، و"لَدْغَى". أما اختصاصُه بـ"فَعْلَى"؛ فلأنّه لا يُجمَع على ذلك إلَّا ما كان من الآفات والمَكارِه التي تُصيب الحيَّ، وهو لها كارِهٌ غيرُ مُريد، فلما اختص المفردُ بمعنى واحد، لا يشرَكه فيه غيرُه، اختصوا جمعه ببناء لا يشركه فيه غيره وهو"فَعْلَى"، فإن وُجد في غيره، فلمشارَكته له، وشَبَهِه به على ما سيُذكَر.
وقد شذ نحوُ:"قُتَلاء"، و"أُسَراءَ"، كأنهم شبهوه بـ"ظَرِيفٍ"، و"ظُرَفاءَ"، و"شَرِيف"، و"شُرَفاءَ". والبابُ "فَعْلَى"؛ لأن "قتيلًا" بمعنى "مقتول"، و"أسيرًا" بمعنى "مأسُورٍ". ولا يُجمَع شيء من ذلك إذا كان مذكّرًا بالواو والنون، كما لم يجمع مؤنثُه بالألف والتاء، فلا يُقال:"قَتِيلُونَ"، ولا "جَرِيحَات"؛ لأنهم لم يفصلوا في الواحد بين المذكّر والمؤنث بالعلامة، فكرهوا أن يفصلوا بينهما في الجمع، فيأتوا في الجمع بما كرهوا في الواحد، فاعرفه.
* * *
قال صاحب الكتاب: ولمؤنثها ثلاثة أمثلة: فعال، فعائل، فعلاء, وذلك نحو صباح وصبائح وعجائز وخلفاء.
* * *
قال الشارح: قوله: "ولمؤنّثها"، يعني مؤنّثَ هذه الصيغة يريد ما كان علي بناءِ "فعِيلٍ" إذا لم يكن بمعنى "مفعول"؛ وله في الجمع ثلاثةُ أبنية:"فِعَالٌ"، "فَعائِلُ"، "فُعَلاءُ".
فالأول، قالوا:"صَبِيحَةٌ"، و"صِباحٌ"، و"ظَرِيفَة"، وظِرافٌ"، والصبيحةُ: الجميلة. يُقال: "امراة صبيحةٌ" إذا كانت ذاتَ صَباحة، وهي الجَمال، ومثلُه "ظريفةٌ"، و"ظِرافٌ" جمعوه على "فِعالٍ" بالزيادة كالمذكر، ولم يفصلوا بينهما في الجمع، كأنهم اكتفوا بالفصل في الواحد عن الفصل في الجمع.
والثاني: "فَعائِلُ"، قالوا: "صَبيحَةٌ"، و"صَبائِحُ"، "وصَحِيَحةٌ"، و"صحائح"، و"طَبِيبَةٌ"، و"طَبائِبُ"، جمعوه جمع الأَسماء، نحوِ "صَحِيفَةِ"، و"صَحائِفَ"، وَ"سَفِينَة"، و"سَفائنَ"، فهذا البناءُ في المؤنث نظيرُ "أَفْعِلاء" و"فُعَلاء" في الصفات للمذكر، فـ"أفْعِلاءُ"، نحوِ: "صَفِي"، و"أصْفِياءَ"، و"شَقِى"، و"أشْقِياءَ"، و"فُعَلَاءُ"، نحو: "كريمٍ"، و"كُرَماءَ"، و"شَهِيدٍ"، و"شُهَداءَ". وقد يستغنون بـ "فِعَالٍ" عن "فَعَائِلَ". قالوا: