للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاء منفصلة, لأن الكلمة بُنيت عليها، فلما كان الأمر فيها على ما ذُكر, نزلوها منزلةَ ما هو من نفس الكلمة، فإذا كانت رابعة، كان الاسم بها كالرباعيّ، فجُمع جمعه، فقالوا: "عَلْقَى" (١)، و"عَلاقَى"، و"ذِفْرَى" (٢)، و"ذَفارَى"، وقالوا في الصفة "حُبْلَى"، و"حَبالَى"، و"سَكْرَى" و"سَكارى". فـ" حَبالَى"، و"ذَفارَى" بمنزله "جَخادِبَ" (٣)، و"دَراهِمَ". وليست الألف في "حَبالَى" كالألف في "حُبْلَى"؛ لأن الألف في "حُبْلَى" للتأنيث، والألف في "حبالى" منقلبة عن ياء, لأنّه جمعٌ على منهاج "جَعافِرَ". وما بعد الألف في "جَعافِرَ" لا يكون إلَّا مكسورًا، فلما انكسر ما قبل الياء في "حَبالى"، انقلبت ياء، فصار في التقدير "حَبالِيُ"، فأبدلوا من الكسرة فتحة، ومن الياء ألفًا؛ لأن الألف أخفّ في اللفظ، ولم يُشْكِل؛ لأنّه ليس لك "فعائلُ" يلتبس به، ولم يفعلوا ذلك بـ"قاضٍ"، لئلا يلتبس بـ "فاعَلٍ"، نحوِ: "خَاتَم"، و"تابَل". فامتناعُ الصرف في "حَبالَى"، و"ذَفارَى" لم يكن كامتناعه في "حُبْلَى"، و"ذِفْرَى"، وإنّما كان كامتناعه في "مساجد"، و"جعافر". والذي يدل أن الألف في "حبالى" ليست كالألف في "حبلى"، انك لو سميت رجلًا بـ "حَبالَى"، ثم صغرته، لم تُصغره على حد تصغير "حُبارَى"، ألا ترى أنك لو صغّرت "حُبَارَى"، لكان لك فيه وجهان:

أحدهما: أن تحذف الألف الأُولى، وتُثْبِت ألف التأنيث، فتقول: "حُبَيْرَى". والوجهُ الثاني: أن تحذف ألف التأنيث للطول, ولا تحذف الأُولى، وتقلبها ياءً، فتقول: "حُبَير". وأنت لو صغرت "حَبالَى" اسمَ رجل، لحذفتَ الألف الأولى، وقلبت الثانية ياء على حد الأصلية والمُلحِقة، نحو قولك في "مَلهي": "مُلَيْهِ"، وفي "أرْطى": "أُرَيط".

وكذلك ما في آخره ألفا التأنيث، نحوُ "صَحْراءَ"، و"عَذْراءَ"، فإنك تقول في تكسيره: "صَحارَى"، و"عَذارَء" وإن شئت: "صَحار"، و"عَذار"، وكان الأصل "صَحارِيُ"، و"عَذارِيُّ" مشددَ الياء، وإن شئت أن تقوله، قلتَه. قال الشاعر، أنشده أبو العباس للوليد بن يزيد [من الهزج]:

٧٦١ - لقد أغْدُو على أشْقرَ ... يَجْتابُ الصحارِيا


(١) العَلقى: "شجر تدوم خضرته في القيظ، ولها أفنان طِوال دِقاق وورق لِطاف، بعضهم يجعل ألفها للتأنيث، وبعضهم يجعلها للإلحاق وتنوّن. قال الجوهري: علقى نبت، وقال سيبويه: تكون واحدة وجمعًا. (لسان العرب ١٠/ ٢٦٤ (علق)).
(٢) الذفرى: الموضع الذي يعرَق من البعير خلف الأذن، وعظم في أعلى العنق من الإنسان عن يمين النقرة وشمالها. (لسان العرب ٤/ ٣٠٧ (ذفر)).
(٣) الجَخادب: جمع جُخدَب، وجخْدُب، وهو الضخْم الغليظ من الرِّجال والجمال. (لسان العرب ١/ ٢٥٤ (جخدب)).
٧٦١ - التخريج: البيت للوليد بن يزيد في ديوانه ص ٧٤؛ وخزانة الأدب ٧/ ٤٢٤، ٤٢٦؛ وسرّ صناعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>