للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان ابن كَيْسان يقول: لا أرى به بأسًا. والمذهبُ الأوّل لِما ذكرناه، ولذلك لا يجمع "فَعْلَى" "فَعْلانَ" جمع السلامة، فإن سمّيتَ بشيء من ذلك، جاز أن تجمعه جمع السلامة؛ لأنه اسمٌ.

وقد جاء في الحديث "ليس في الخَضْراوات صَدَقَةٌ", لأنه يريد البُقُولات. وكذلك لو سميت رجلًا بـ"أسْوَدَ"، جاز أن تجمعه بالواو والنون، فتقول: "أسْوَدُونَ". وكذلك لو صغّرت هذا الجمع، لجمعته بالواو والنون والألف والتاء، فتقول في "سُود" وأنت تريد المذكرَ: "أُسَيْوِدِينَ"، و"سُوَيْداوات" إذا أردت المؤنّث.

وأمّا "فُعَلٌ" فهو جمع "الفُعْلَى" تأنيثِ "الأفْعَل". وذلك أن "أفْعَلَ" إذا كان لا يتم نعتا إلا بـ "مِنْ"، كقولك: "أفضلُ من زيد"، و"أصغرُ من خالد"؛ فإنه يجمع منه ما كان للآدميين مذكرًا بالواو والنون، كما قال تعالى: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (١)، وقال: {بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (٢)، ومؤنّثُه بالألف والتاء، نحوِ: "الكُبْرَى"، و"الكُبْرَيات"، و"الصغْرَى"، و"الصُّغْرَيات"، وذلك من قبل أنّه لما لم يُنكر، ولم يكن إلا بالألف واللام المُعرفة، أو"مِن" المُخصصةِ؛ نقص عن مجرى الصفات، وجرى مجرى الأسماء؛ لأنّ الصفات بابُها التنكير من حيث كانت جارية مجرى الفعل. ولما جرت مجرى الأسماء؛ لم تمتنع من جمع السلامة إذا كانت للآدميين، ولذلك تُكسَّر تكسيرَ الأسماء، فتقول في المذكر منه: "الأكابرُ"، و"الأصاغر"، كما تقول: "الأجادل"، و"الأفاكل". قال الله تعالى: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} (٣). وتقول في المؤنث: "الكُبْرَى"، و"الكُبَرُ"، و"الصغْرَى"، و"الصغَرُ". قال الله تعالى: {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} (٤)، نزلوا ألف التأنيث فيه منزلةَ التاء التي تُلْحَق للتأنيث، فـ "الكُبْرَى"، و"الكُبَرُ" بمنزله "الظلْمَة"، و"الظلَم"، و"الغُرفَة"، و"الغُرَف".

وقوله: "ويُقال: "ذِفْرَيات"، و"حُبْلَياتٌ"، و"الصغْرَياتُ"، و"صَحْراوات" إذا أُريد أدنى العدد، ولا يُقال "حَمْراواتٌ"؛ يريد أن كل ما في آخِره ألفُ التأنيث المقصورةُ أو الممدودة، فإنه يجوز جمعُه بالألف والتاء، وذلك لأن الاسم إذا كان في آخِره ألفُ


والتاء: للتأنيث. "بنات": فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. "بني": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. "نزارٍ": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "حلائل": مفعول به منصوب بالفتحة. "أحمرين": نعت "حلال" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. "وأسودينا": الواو: حرف عطف، "أسودين": معطوف على "أحمرين" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.
وجملة "ما وجدت ... ": بحسب ما قبلها.
والشاهد فيه قوله: "أسودين وأحمرين" حيث جمعهما جمع مذكر سالم، مع كون مؤنثهما على وزن "فعلاء"، إذ يجب أن يقال: "سود" و"حمر". وهذا شاذ عند جمهرة النحاة.
(١) الشعراء: ١١١.
(٢) الكهف: ١٠٣.
(٣) الأنعام: ١٢٣.
(٤) المدثر: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>