و"بَيع"، و"بَيعَةٍ". وهو جار مجرى "فاعِلِ"؛ لأنّه على عدته. وموضعُ الزيادة فيهما واحد، فكما كان الباب في "فاعِل" جمعَ السلامة، من نحو قولك:"ضِارب"، و"ضارِبُونَ"" و"ضارِبَةٌ"، و"ضارِبات"، كذلك كان الأكثرُ في "فَيْعِل" جمعَ السلامة من نحو قولك: "مَيتٌ"، و"ميتون"، و"هَين"، و"هينون"، و"مَيتَة"، و"مَيتاتٌ"، و"هَينَةٌ"، و"هَيناتٌ"، وفي الحديث: "المؤمنون هينون لينون" (١).
فإذا أُريد تكسيره، حُمل على غيره مما هو على عدته، فمن ذلك قولهم: "مَيِّت"، و"أمْواتٌ"، شبهوه بـ "فاعِل"، فكما قالوا: "شاهِدٌ"، و"أشْهادٌ"، كذلك قالوا: "مَيِّتٌ"، و"أموات". جاؤوا به على حذف الزوائد، كأنه بقي "مَوْت"، فقالوا: "أمْوات" مثلَ "سَوْط"، و"أسْواط"، و"حَوْضٍ"، و"أحْواضٍ". والمؤنّثُ كالمذكر، لا فصلَ بينهما، قالوا: "مَيتَة"، و"أمْواتٌ"، كما قالوا في المذكر "مَيًت"، و"أموات"، وذلك أنّك في التكسير تحذف التاء، فيصير "مَيتا"، فتجمعُه على "أمْوات". ومثلَه قالوا "حَىٌّ"، و"أحْياءٌ"، و"حَيةٌ" و"أحْياءٌ"، و"نِضْوٌ"، و"أنْضاءٌ"، و"نِضْوة"، و"أَنْضاء"، وذلك كثيرٌ.
وقالوا للمَلِك: "قَيلٌ"، و"أقْوالٌ"، وربما قالوا: "أقْيال" بالياء. وذلك من قِبَل أن "القَيْل" أصله: "قَيل"، وهو"فَيْعِل" من القول، قيل له ذلك لنَفاذ قوله. فمن قال: "أقْوالٌ"، جمعه على الأصل كـ"مَيت"، و"أمْوات". ومن قال: "أقْيالٌ"، جمعه على لفظه. والوجهُ الأول، وقالوا: "كَيْسٌ"، و"أكْياسٌ"، والمراد: "كَيسٌ" على زنة "فَيْعِل". يدل على ذلك جمعُهم إياه بالواو والنون كثيرًا, ولو كان "فَعْلًا"، لكان الباب في جمعه التكسيرَ، نحوَ: "صَعْب"، و"صِعاب".
وقد كسروه أيضًا على "فِعَالٍ". قالوا: "جَيدٌ"، و"جِيادٌ". وشبهوه بـ"فَاعِل"، وقالوا: "مَيت"، و"أمْواتٌ"، و"جَيدٌ"، و"أجْوادٌ". كذلك قالوا: "أجْيادٌ" كما قالوا: "قائمٌ"، و"قِيامٌ"، و"نائمٌ"، و"نِيامٌ". وكذلك قالوا: "سَيدٌ"، و"سادَةٌ"، كما قالوا: "قائِدٌ"، و"قادَةٌ"، و"حائِكٌ"، و"حاكَةٌ".
وقد كسروه أيضًا على "أفْعِلاء"، فقالوا: "هَينٌ"، و"أهْوِناءُ". وحكى الجَرْمي: "جَيد"، و"أجْوِداءُ"، حملوه على "فَعِيل"، نحوِ "نَبِى" و"أنْبِياءَ"، و"صَفِى"، و"أصْفِياءَ". وقد احتجّ الفراءُ بهذا الجمع على أن أصله "فَعِيلٌ". قال: لأنّ "فَعِيلًا" يجمع على ذلك؛ ولا دليلَ في ذلك, لأنّهم قد يجمعون الشيء على غير بابه، ألا تراهم قالوا: "شاعِرٌ" و"شُعَراءٌ"، و"جاهِلٌ"، و"جُهَلاءُ". وإنما "فُعَلاءُ" بابه "فَعِيلٌ"، نحوُ: "كرَماءَ"، و"لُؤَماءَ"، فكذلك ها هنا فاعرفه.
(١) الحديث في النهاية في غريب الحديث والأثر ٥/ ٢٨٩، وفيه: "المسلمون هينون لينون"، هما تخفيف "الهين" و"اللين". قال ابن الأعرابيّ: العرب تمدح بالهيْن اللين مخَففَين، وتذم بهما "مثَقلَين".