للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنّه كان ينبغي أن يقول: "دَنَتْ" على تقدير علامة الجماعة، أو: "دَنَوْنَ"؛ لأنّه جمعٌ لِما لا يعقل، إلّا أنّه أجراها مجرَى من يعقل إذ كان دَوْرُها يجري على تقديرٍ لا يختلف، وصار كقصد العاقل لشيءٍ يعلمُه، فلذلك جمعها بالواو والنون، فقال: "بنو نعش"، ولم يقل: "بنات نعش"؛ فإذًا عاد الضميرُ بالواو على حدّ جَمْعه إيّاه. ومثله قوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} (١)، لمّا أخبر عنهنّ بالخطاب الذي يختصّ بمن يعقل؛ جمعها بالواو المختصّة بمن يعقل.

وإن كان المكسّر لغير أولى العقل؛ نحو: "الأيّام"، و"الحُمُر"، فلك فيه وجهان: أحدهما: أن تُلْحِق الفعلَ التاء، فتقول: "الأيّامُ فعلتْ"، على تقدير جماعة الأيّام، وإن شئت، قلت: "فَعَلْنَ"؛ لأنّ الأيّام ممّا لا يعقل. فجمعُه وضميرُ جمعه كالمؤنّث، وإن كان مذكّرًا، نحو: "ثِيابُك مُزِقنَ"، و"جِمالُك أَقْبَلْنَ". قال الشاعر [من الطويل]:

٨١٤ - وإن تكنِ الأيّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا ... فَقَدْ بَانَ مَحْمُودًا (٢) أَخِي يَوْمَ وَدَّعَا


= "الديك": مبتدأ مرفوع بالضمة. "يدعو": فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. "صباحه": مفعول به منصوب، والهاء ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة. "إذا": ظرف زمان متعلق بالفعل "شربت" غير متضمن معنى الشرط. "ما": زائدة لا محلّ لها. "بنو": فاعل مرفوع لفعل محذوف يفسره المذكور، وعلامة رفعه الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. "نعش": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "دنوا": فعل ماضٍ مبني على ضم مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكين، وبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، والألف: للتفريق. "فتصوبوا": الفاء: حرف عطف، "تصوبوا": فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو: ضمير متصل في محلّ رفع فاعل، والألف: للتفريق.
جملة "شربت بها": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "الديك يدعو": حالية في محلّ نصب. وجملة "يدعو": في محلّ رفع خبر للمبتدأ. وجملة "دنوا": تفسيرية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "دنا بنو نعش": في محلّ جر بالإضافة. وجملة "تصوبوا": معطوفة على جملة "دنوا" لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "بنو نعش دنوا" وذُكر أن الأخفش روى: "بنو نعش" اعتبارًا للفظ "ابن" وإن كان غير عاقل.
(١) النمل: ١٨.
(٢) في الطبعتين: "محمود" بالرفع، وهذا خطأ
٨١٤ - التخريج: البيت لمتمم بن نويرة في ديوانه ص ١١٢؛ وشرح اختيارات المفضل ص ١١٧٨.
المعنى: لقد فرّقت الأيام بيني وبين مالك، وظهر جليًّا كم كان محمودًا يوم مات.
الإعراب: "وإن": الواو: بحسب ما قبلها، "إن": حرف شرط جازم. "تكن": فعل مضارع ناقص مجزوم لأنه فعل الشرط، وحرّك بالكسر منعًا لالتقاء الساكنين. "الأيام": اسم "تكون" مرفوع بالضمّة. "فرقن": فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرّك، والنون: ضمير متصل مبني في محلّ رفع فاعل. "بيننا": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة، وهو مضاف متعلق بالفعل "فرقن"، و"نا": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. "فقد": الفاء: رابطة لجواب =

<<  <  ج: ص:  >  >>